Category Archives: الجهوية المتقدمة

التنظيم الإداري للدولة وآفاق تدعيم العلاقة بين الإدارة المركزية والجماعة الترابية

عرف التنظيم السياسي والإداري للدولة تطورات متتالية
إرتبطت بظروف سياسية وأخرى إقتصادية تحكمت في شكل الدولة وأجهزتها الإدارية، فلم
تترك لها مجالا للإستمرار في تنظيمها الإداري وعلاقاتها السياسية التي إتسمتا
بطابع التقليدية في الهيكلة، وكذا العشوائية  في الإدارة.
إن الإدارة في الدولة كانت تأخذ بالتنظيم المركزي أو ما
يسمى “بالمركزية المفرطة” التي لا تترك مجالا معقولا للتصرف والإدارة
للفاعليين المحليين، بمعنى غياب التضامن في ممارسة الإختصاصات وتحمل المسؤولية
والمساهمة في التنمية بين الإدارة المركزية والفاعليين المحليين، نتج عن ذلك توثر
العلاقة بين الإدارة المركزية والمواطن المحلي لتنتقل فيما بعد لتوثر بين الإدارة
سواء المركزية أو المحلية والمواطن.
ساهم هذا التوثر في العلاقة المرتبط بغياب الثقة بين
المواطن والإدارة المركزية  بالإضافة لضغوط
خارجية كان لها الأثر الكبير في تبني تنظيم مزدوج قائم على مركزية توجد على مستوى
عاصمة الدولة ولها مصالح على المستوى الترابي، ولامركزية على مستوى ترابها المحلي،
وذلك دون أن نتجاهل وضع الدولة الذي كان مهدد في وجوده وسلامته بالنظر لتفشي مظاهر
الضعف والتخلف المرتبط بإنتشار بعض الظواهر السيئة في بعض أجهزة الدولة، وكذا
بإستنزاف خيراتها من طرف المستعمر الذي قام بتنمية مناطق على حساب المناطق الأخرى،
لكن تنمية تلك الجهات والمناطق كان بغرض تسهيل إستنزاف خيراتها وبسط النفوذ عليها
.
 كان لهذه الأسباب
وغيرها فضل في وعي الدولة بأهمية تبني تنظيم قائم على المركزية واللامركزية، وجاء
ذلك بعد الإستقلال، حيث إعترف المشرع للهيآت المحلية بمقتضى ظهير 23 يونيو 1960
[1] بسلطة إدارة شؤونها
بإستقلال نسبي محدود سيتوسع بتطور هياكل الدولة وإستقرار وضعها السياسي، وكذا
بتطور مستوى وقدرات هذه الهيآت المحلية.
والقول بوجود إدارة محلية ما بعد الإستقلال لا ينفي وجود
تنظيمات محلية عرفها المغرب قبل هذه الفترة، لكنها تنظيمات تقليدية لم تندرج في
تنظيم الدولة بل كانت داخل جماعات وقرى حكمتها أعراف القبيلة ولم تخضع بشكل واسع
للقوانين التي صاغتها الدولة
[2].
إلا أن هذا التنظيم القانوني – الأول من نوعه – للجماعة
المحلية لم يرقى إلى مستوى التطلعات والطموحات التي ظل يعبر عنها الفاعلون
والمهتمون والمطالبون بتوسيع هامش الحريات وتدعيم الديمقراطية بالبلد، ذلك أنه كرس
وصاية إدارية ومالية صارمة مقترنة برقابة مشددة وصلت إلى درجة هيمنة رجل السلطة – ممثل
الإدارة المركزية على المستوى الترابي – على الإدارة المحلية.
وهذا ما دفع بالمشرع إلى إيجاد إطار قانوني جديد يدعم
إختصاصات الجماعة المحلية ويرفع من مستوى إستقلالها عن الإدارة المركزية وممثليها
على المستوى الترابي، وذلك أن أصدر ميثاق جماعي بتاريخ 30 شتنبر 1976 الذي يعتبر
منعطفا مهما للتنصيب الفعلي والإقرار الجاد للامركزية الجماعية بالمغرب، إذ إعتبر
في حينه مرحلة جد متقدمة في مجال الديمقراطية المحلية من خلال إرتقائه بالجماعة إلى
مستوى مسير إقتصادي وفاعل في التنمية.
 لكن الغموض والإلتباس
الذي تميزت به جل مصطلحات هذا التنظيم الجماعي، وعدم مواكبته لتطور الدولة وتوسع
مجالات تدخلها وتوسيع علاقاتها، وأيضا تطور التجارب القريبة من البلد في مجال
تنظيمها الإداري والسياسي المدعم لمجال الحقوق والحريات والمنفتح على باقي
الفاعليين داخلها فرض على المشرع تبني ميثاق جماعي جديد سنة 2002
[3]، والذي إنتقل
بالجماعة من مستوى مسير إقتصادي إلى درجة الجماعة المقاولة، من خلال توسيع
إختصاصاتها وتدعيم هامش إستقلالها وتأطير أكثر لمجالات تدخلها التي أصبحت تحت
حماية بنود قانونية واضحة في جوانب وغامضة في جوانب أخرى.
وتدعم هذا المسلسل في اللامركزية – في وحدتها الجماعية –
بتعديل وتتميم بعض بنود الميثاق الجماعي لسنة 2002 بمقتضى الميثاق الجماعي لسنة
2009
[4]، لكنها تعديلات لم
تمس الجوهر بقدر ما مست الشكل، وإن كانت قد دعمت وأضافت بعض المجالات التي لم يكون
منصوص عليها في الميثاق الجماعي لسنة 2002.
 سنحاول في هذا
المقال دراسة العلاقة بين الإدارة المحلية والسلطة المركزية وفق القوانين الحالية،
ومحاولة إعطاء رؤية لمستقبل العلاقة بين الإدارة المركزية والجماعة الترابية في
أفق تنزيل فصول الدستور الحالي في مجال اللامركزية الجماعية التي هي محور حديثنا
في هذا المجال. معتمدين في ذلك على محورين:
المحور الأول: واقع
العلاقة بين السلطة المركزية والإدارة المحلية
المحور الثاني: آفاق
تدعيم العلاقة بين السلطة المركزية والجماعة الترابية
……………………………………
المحور
الأول:
واقع العلاقة بين الإدارة
المحلية والسلطة المركزية
تدرجت العلاقة بين الإدارة الجماعية والسلطة المركزية
بتدرج المراحل التاريخية التي مرت بها اللامركزية الجماعية، فمن علاقة تطبعها
التبعية والخضوع وإصدار الأوامر والتدخل شبه الكامل في شؤون الجماعة من قبل
الإدارة المركزية، والتي تبرره حداثة التنظيم الجماعي وقلة موارده وإمكاناته
المالية والبشرية هذا من جانب، وأيضا من جانب آخر توجس وحيطة الإدارة المركزية من
خلق وحدات ترابية قد تنافسها في الإختصاصات ومستوى الإستقلال الذي قد ينتج عنه
تمرد هذه الوحدات وتقوية مكانتها في مواجهة الإدارة المركزية
.
 إن هذا
القول تدعمه الإختصاصات الإدارية الممنوحة للجماعة في هذه المرحلة ومستوى المراقبة
من طرف ممثل الإدارة المركزية والتي تؤكد على هذا التوجس والحيطة المبررين بالوضع
السياسي للمغرب الذي كان لازال مضطربا، إذ لم يكون قد مر على إستقلاله سوى أربع
سنوات، حيث ترك المستعمر البلد تتخبط في العديد من المشاكل على مختلف المستويات
لعل أهمها المشاكل الإجتماعية الحادة، والتي ستلقي بضلالها على أمن البلد
وإستقراره من خلال وقوع إضطربات خطيرة كانت لها إنعكاسات وخيمة على جميع الأصعدة.
 وإنتقلت هذه العلاقة بين الادارة المركزية
والادارة المحلية إلى مستوى آخر مع صدور الميثاق الجماعي
سنة 1976، بحيث ترسخت
أكثر فكرة اللامركزية الجماعية وسلمت بها الادارة المركزية، فأصبح الفاعل المحلي يتمتع
بإختصاصات وإن لم تكون مواكبة لما ينبغي منحه اياها من الاختصاصات إلا أنها كانت
بداية للظهور الفعلي للإدارة المحلية كهيئة تمثل التنظيم اللامركزي ببعض مقوماته
والتي تصب في رفع مستوى إستقلالها عن الادارة المركزية، وهكذا إستوعبت هذه الاخيرة
أن التنظيم اللامركزي وتدعيم اللاتركيز الاداري أصبح ضرورة تمليها التطورات
الاقتصادية والسياسية المتعاقبة والمحكومة بالسرعة لإرتباطها بمحيط دولي عولمته
العولمة فأصبح يربط علاقات فقط مع الدول التي تواكب وتساير الركب وتطور من آليات
عملها وتقوم بتحديث هياكلها الادارية بإستمرار.
وفي هذا الاطار كان لزاما على المشرع العمل على تبني
إطار قانوني جديد يدعم التنظيم اللامركزي عموما والادارة الجماعية على الخصوص، حيث
أصدر ميثاق جماعي جديد سنة 2002، والذي عمل من خلاله على تدعيم إختصاصات الجماعة
المحلية وتوسيع مجالات تدخلها ورفع مستوى إستقلالها وخلق آليات جديدة لعملها
وتأطير أكثر لعلاقتها مع الادارة المركزية وممثليها على المستوى المحلي، فإذا كانت
باقي الوحدات الترابية ( الجهة- العمالات والاقاليم) قد عرفت تطورات متعاقبة لكنها
ظلت تراوح مكانها لضعف في مواردها المالية وإمكاناتها اللوجيستيكية، هذا الضعف
المؤثر على مستوى إستقلالها عن الادارة المركزية، فإن الإدارة المحلية حققت تطورات
نوعية إن على مستوى إختصاصاتها ومجال تدخلها أو على مستوى إستقلالها عن السلطة
المركزية وممثليها على المستوى المحلي.
إلا أننا حينما نقول أن الجماعة حققت تطورات نوعية فهذا
فقط بمقارنتها مع تطور باقي الوحدات الترابية، لأن الإدارة المحلية بدورها لازالت
تعاني من مشاكل تحد من تطورها، من بينها ثغرات في الاطار القانوني المنظم لها وضعف
في تأهيل مواردها البشرية وعدم الإستغلال الأنجع لإمكاناتها الطبيعية في التنمية،
لكن بالموزاة مع ذلك إستطاعت بعض الجماعات تحقيق التطور والتنمية في نطاق حدودها
الترابية.
وإستجابة لهذا الوضع وإرتباطا بظروف سياسية عمل المغرب
على تغيير إستراتيجيته في مجال تبني نظام لامركزي أكثر تطورا وحداثة وإستجابة
لمتطلبات المواطنين.
 هذا التوجه الذي
رسم ملامحه الدستور الحالي لسنة 2011 لتتكلف القوانين التنظيمية عند صدورها بإبراز
هذه الملامح وتبيان الوجه الحقيقي الذي سيكشف عن مستقبل العلاقة بين الإدارة
المركزية والجماعات الترابية وعلى رأسها الجهة. لنتكفل نحن في هذا المقال بإعطاء
رؤية لآفاق العلاقة بين السلطة المركزية والجماعة الترابية فقط ( الجماعات:
الحضرية والقروية ) دون باقي الجماعات الترابية ( الجهات – العمالات والاقاليم).
المحور الثاني: آفاق
تدعيم العلاقة بين السلطة المركزية والجماعة الترابية
لقد تبنى المغرب نصا دستوريا جديدا سنة 2011، فبغض النظر
عما إذا كان جاء نتيجة تراكمات وتبني توجه إصلاحي من طرف الدولة عقب تولي جلالة
الملك الحكم أو نتيجة ضغوط فرضتها توثرات إقليمية غيرت الخريطة الداخلية لدول شمال
إفريقيا وأربكت حسابات الهيآت الحاكمة بها، والمغرب لم يكون بمنآى عن هذه التوثرات
والاحتجاجات والمشاحنات التي عرفتها جل شوارع المملكة والمطالبة بمحاربة كل أشكال
الفساد والتي تعاملت معها السلطات الادارية بنجاعة وذكاء.
 وبصرف النظر عن
هذا النقاش الذي له من الاهمية بما كان، فالبلد غير من خلال فصول الدستور الحالي
الرؤية التقليدية القاصرة على التدبير المرتبط بشكل كبير  بالهيآت المركزية التي تتوفر على إختصاصات مهمة
وتتدخل في جل المجالات وتشرف وتراقب بشكل دقيق أغلب الهيآت الاخرى والمؤسسات وباقي
الفاعليين، فيما يبقى بعض الفاعلون فقط مستهلكين “للمنتوج الاداري”، إذ
ليس هناك ما يلزم الادارة على إستشارتهم في القرارات ولا حتى إشراكهم في جانب يهم
تدبير ترابهم المحلي، هذا إذا ما إستثنينا بعض النصوص القانونية التي ذكرت موضوع
الاستشارة في بعض المجالات بشكل عرضي يكتسب طابع “البروتوكول” أكثر منه
إبتغاء جوهر الاستشارة وهدف المشاركة.
هذا الذي جعل صدور دستور جديد أمرا محتما قد يكون
“الربيع العربي”[5]
عجل بصدوره، لكن البلد عرف إصلاحات جوهرية قبله ونهج مقاربات تدبيرية حديثة، وركز
على مشاريع ضخمة للاصلاح لعل أهمها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ومشروع
الجهوية الموسعة وأيضا مشروع الحكم الذاتي للاقاليم الصحراوية التي لا تتجزأ عن
التراب الوطني.
وقد عمل المشرع الدستوري على منح الجهة كجماعة ترابية
مكانة الصدارة بين باقي الجماعات الترابية[6] ورسم
مشروع الجهوية الموسعة ملامح الجهة مستقبلا وهي مقترحات من طرف اللجنة الاستشارية
للجهوية يبقى للمشرع سلطة الاخذ بها أو تجاهلها في القانون التنظيمي للجهة،
إنطلاقا من هذه الصدارة التي حظيت بها الجهة فإنها ستكون صلة الوصل في جوانب عديدة
بين الادارة المركزية وباقي الجماعات الترابية ومنها الادارة الجماعية.
لقد تبنى المغرب آليات جديدة في الدستور الحالي ومنها
التدبير الحر القائم على توسيع سلطة تدخل الجماعة الترابية والتخفيف من سلطة
الرقابة عليها، وبناء علاقة جديدة بينها وبين الادارة المركزية، وأيضا بينها وبين
ممثلي السلطة المركزية على المستوى الترابي.
وأيضا التركيز على آليات الحكامة ونهج المقاربة
التشاركية ومقاربة النوع الاجتماعي، وخلق مؤسسات جديدة ستعمل على هيكلة مجالات لم
تكون تحظى بأهمية كبيرة، وتبني سياسة القرب بشكل أكثر جدية بضمانات قانونية
ومؤسساتية، وإشراك المواطن في مسلسل صناعة القرار المحلي وضمان الحماية له من أي
شطط سيحول دون إستفادته من هذه المكاسب، وهي مقتضيات إلى جانب مقتضيات أخرى تكرس
سياسة الانفتاح التي نهجتها الدولة والتي كان لها ما لها وعليها ما عليها، لتترسخ
هذه السياسة التي تبقى وحدها الكفيلة بتجاوز عوائق وتحديات التنمية المستدامة.
لكن تأخر صدور قوانين تنظيمية والطابع الإرتجالي الذي
تسير به الحكومة الشأن العام، وتهرب ولامبالاة رئيس الحكومة بممارسة الاختصاصات
التي منحت له بشكل صريح في الدستور، يجعل مستقبل العلاقة بين الادارة المركزية
والادارة المحلية التي رسمت ملامحها كما سبق الاشارة لذلك فصول الدستور الحالي
مجهولا، فالتوجه الذي تنهجه الحكومة يشكك في مدى تنزيل المضامين الجديدة بشكل يحقق
رؤية حديثة في التدبير العمومي ويدعم النظام اللامركزي ويحقق التقدم في مجال
اللاتركيز الاداري، هذه الرؤية التي لمحت لها الوثيقة الدستورية.


 –[1]شكل ظهير 23 يونيو 1960 أول تنظيم قانوني يتعلق بالجماعة المحلية جاء
ليؤسس النواة الأولى في مسلسل التنظيم الجماعي منخلال الاعتراف للجماعات المحلية
بالاستقلال المالي وبالشخصية الاعتبارية
.
[2]من أبرز هذه التنظيمات المحلية ” نظام الجماعة ” الذي يوجد
على رأسه شخص عرف بتقواه وورعه وعلمه وحنكته في الفصل في خصومات سكان الجماعة،
يطلق على هذا الشخص ” أمغار”، قراراته ملزمة لساكنة
“الجماعة”، أما فيما يخص علاقة 
وولاء هذا التنظيم للدولة جد محدودة بل جمعته علاقة توثر معها. ولازالت
مثل هذه التنظيمات إلى وقتنا لكن بشكل محدود من حيث سلطتها، بموازاة ذلك هناك
مناطق تخضع لهذا التنظيم القبلي القائم على العرف بشكل كبير ويمكن ألا تخضع
لقوانين الدولة في حياتهم الإجتماعية بالخصوص ( الزواج- الإرث-…).
[3]- قانون 78.00 الصادر سنة 2002.
[4]- قانون 17.08 الصادر سنة 2009
[5]  – نظرا لكون المقال ذو طابع أكاديمي بعيد عن
التحليل السياسي والايديولوجي، فإن هناك مدافعين عن مصطلح “الربيع
الديمقراطي”
بدل مصطلح “الربيع العربي” لأنه حسبهم
المصطلح فيه حيف كبير بالنسبة لهم، كونهم ينحدرون من أصول أمازيغية وليست عربية،
والمصطلح يقصيهم من ربيع عاشوا تفاصيله ودافعوا عن التوجهات التي نزل المواطنين
للشارع من أجل التعبير عنها.
[6] – عوضت عبارة الجماعات المحلية بعبارات الجماعات
الترابية في الدستور الحالي، وهو تغيير لم يكون في محله، فالجماعات المحلية أكثر
دقة وتعبيرا عن الهيءة اللامركزية على إعتبار أن الدولة بدورها جماعة ترابية.

___________
 انتم أيضا
لا تتردوا في اغناء المدونة بمواضيع يمكن أن تفيد الأخرين وخاصة العروض منها والوثائق والمستندات دات الأهمية القصوي إلى البريد الالكتروني التالي:
Email: kanoonma@gmail.com
 او عبر رسالة في الفيسبوك
http://www.facebook.com/messages/JahlDroit
 __________________________

أضف تعليق

Filed under القانون المغربي, القانون العام, الجهوية المتقدمة, الحكامة

المغرب: فتح باب الترشيح للمشاركة في عمليات إنجاز الإحصاء العام للسكان والسكنى لشتنبر 2014

إعلان عن فتح باب الترشيح للمشاركة في عمليات إنجاز الإحصاء العام للسكان والسكنى لشتنبر 2014


المغرب: فتح باب الترشيح للمشاركة في عمليات إنجاز الإحصاء العام للسكان والسكنى لشتنبر 2014
  
 في إطار التهيئ لإنجاز الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014 تعلن المندوبية السامية للتخطيط عن فتح باب الترشيح للقيام بمهام التأطير لهذه العملية الوطنية الكبرى. 
المهام الممكن إسنادها للمترشحين : 
تشمل المهام المترشح لها الفئات التالية : 
       المشرفين الجماعيين المكلفين بالإشراف على هذه العملية من الناحية التقنية والإدارية والتنظيمية في إطار اختصاصهم الجغرافي ؛ 
       المراقبين سواء منهم المكلفين بتكوين الباحثين أو الذين سيؤول إليهم تأطير الفئة الثالثة المكونة من الباحثين ؛ 
       الباحثين الذين سيقومون بتعبئة الاستمارات عند زياراتهم للأسر أثناء إنجاز الإحصاء. 
الفترة المرتقبة لعمل كل فئة من الفئات المذكورة والتي تشمل التكوين والإنجاز: 
       المشرفون الجماعيون : من 16 يوليوز 2014 إلى 20 شتنبر 2014 ؛ 
       المراقبون المكلفون بالتكوين : من فاتح غشت إلى 20 شتنبر 2014 ؛ 
       المراقبون والباحثون : من 15 غشت إلى 20 شتنبر 2014. 
 الفئات المعنية بالترشيح لهذه المهام : 
إن باب الترشيح لإنجاز وتأطير هذه العملية الوطنية الكبرى مفتوح لفائدة موظفي الإدارات العمومية ومستخدمي المؤسسات العمومية وشبه العمومية والجماعات المحلية وكذا طلبة التعليم العالي بمستوى باكالوريا زائد سنتين على الأقل من جامعات ومدارس ومعاهد تكوين أطر ومؤسسات التكوين المهني علاوة على حاملي الشهادات العليا وأطر المجتمع المدني وكل من له المؤهلات للقيام بهذه المهام بحكم تجربته في هذا المجال على الخصوص. 
كيف يتم الترشيح للمشاركة في إنجاز عملية الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014. 
على الراغبين في هذه المشاركة ممن لهم المؤهلات المطلوبة أن يبادروا بتعبئة المطبوع المخصص لهذا الغرض والموضوع رهن إشارتهم في الموقع الإلكتروني للمندوبية السامية للتخطيط (www.hcp.ma أو في الموقع الخاص بالإحصاء المنجز حديثا تحت عنوان : ((www.rgph2014.hcp.ma ويمكن اعتماد هذين الموقعين ما بين 20 مارس و30 أبريل 2014. 
وعلى المترشحين أن ينتبهوا بأنهم إذا لم يتمكنوا من تعبئة طلباتهم عبر هذه المواقع الإلكترونية فيمكنهم الحصول على مطبوع المشاركة في مكاتب الإحصاء بمقرات العمالات والأقاليم التي يترشحون للعمل فيها وذلك ابتداء من 1 أبريل 2014. 
كما عليهم أن ينتبهوا إلى أن البث في طلبات الترشيح من طرف اللجان الإقليمية والجهوية سيتم حسب تواريخ وصول طلبات الترشيح أولا بأول وحسب دقة ووجاهة المعلومات الواردة فيها والتزام أصحابها بالشروط الملحقة بطلبات الترشيح. 

Télécharger

__________
انتم أيضا
لا تتردوا في اغناء المدونة بمواضيع يمكن أن تفيد الأخرين وخاصة العروض منها والوثائق والمستندات دات الأهمية القصوي إلى البريد الالكتروني التالي:
Email: kanoonma@gmail.com

او عبر رسالة في الفيسبوك 
http://www.facebook.com/messages/JahlDroit 

أضف تعليق

Filed under إعلانات, القانون المغربي, الجهوية المتقدمة, الحكامة, توقعات

اللامركزية الإدارية: صورها وتقييمها

يقوم هذا النظام على أساس توزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومية المركزية في العاصمة وبين أشخاص الإدارة المحلية في الأقاليم ، وتتمتع هذه الأشخاص بالشخصية المعنوية المستقلة ، مع خضوعها لرقابة الحكومة المركزية .

اللامركزية الإدارية: صورها وتقييمها
اللامركزية الإدارية: صورها وتقييمها

ففي هذا النظام تتمتع السلطة المحلية بقدر من الاستقلال في ممارسة اختصاصاتها فتحتفظ الإدارة المركزية بإدارة بعض المرافق العامة القومية وتمنح الأشخاص المعنوية المحلية سلطة إنشاء وإدارة بعض المرافق العامة ذات الطابع المحلي .
وعلى ذلك تظهر في هذا النظام إلى جانب الدولة أو الإدارة المركزية أشخاص معنوية محلية أو مرفقية يطلق عليها بالإدارة اللامركزية أو السلطات الإدارية اللامركزية.

المطلب الأول: صور اللامركزية الإدارية

هناك صورتان أساسيتان للامركزية الإدارية ” اللامركزية المحلية أو الإقليمية ، واللامركزية المصلحية أو المرفقية ” .

أولاً : اللامركزية الإقليمية أو المحلية:

ومعناها أن تمنح السلطات المركزية إلى جزء من إقليم الدولة جانب من اختصاصاتها في إدارة المرافق والمصالح المحلية مع تمتعها بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي والإداري .
وتستند هذه الصورة إلى فكرة الديمقراطية التي تقتضي إعطاء سكان الوحدات المحلية الحق في مباشرة شؤونهم ومرافقهم بأنفسهم عن طريق مجالس منتخبة منهم .

ثانياً : اللامركزية المرفقية:

يجد المشرع في أحيان كثيرة أنه من الضروري أن يمنح بعض المشاريع والمرافق والمصالح العامة الشخصية المعنوية وقدر من الاستقلال عن الإدارية المركزية مع خضوعها لإشرافها ، كمرفق البريد والتلفون والكهرباء والإذاعة والجماعات ، لتسهيل ممارستها لنشاطاتها بعيداً عن التعقيدات الإدارية .
وتمارس اللامركزية المرفقية نشاطاً واحداً أو أنشطة متجانسة كما هو الحال في الهيئات والمؤسسات العامة على عكس اللامركزية المحلية التي تدير العديد من المرافق أو الأنشطة غير المتجانسة. ( )
ولا يستند هذا الأسلوب على فكرة الديمقراطية إنما هي فكرة فنية تتصل بكفاءة إدارة المرفق وعلى ذلك ليس من حاجة للأخذ بأسلوب الانتخابات في اختيار رؤساء أو أعضاء مجالس إدارة هذه الهيئات العامة .
هذا ويحرص المشروع دائماً تكون ممارسة هذه المؤسسات لنشاطها ضمن الحدود والاختصاصات التي أجازها ولا يمكن مباشرة نشاط آخر أو التوسيع من اختصاصاتها

المطلب الثاني: تقييم اللامركزية الإدارية

نظام اللامركزية الإدارية له الكثير من المزايا إلا أن من الفقهاء من أبرز له بعض العيوب وهو ما نبينه في هذه الدراسة :

أولا: مزايا اللامركزية الإدارية :

1- يؤكد المبادئ الديمقراطية في الإدارة : لأنه يهدف إلى اشتراك الشعب في اتخاذ القرارات وإدارة المرافق العامة المحلية .
2- يخفف العبء عن الإدارة المركزية . إذ أن توزيع الوظيفة الإدارية بين الإدارة المركزية والهيئات المحلية أو المرفقية يتيح للإدارة المركزية التفرغ لأداء المهام الأكثر أهمية في رسم السياسة العامة وإدارة المرافق القومية .
3- النظام اللامركزي أقدر على مواجهة الأزمات والخروج منها . سيما وأن الموظفين في الأقاليم أكثر خبرة من غيرهم في مواجهة الظروف والأزمات المحلية كالثورات واختلال الأمن ، لما تعودوا عليه وتدربوا على مواجهته وعدم انتظارهم تعليمات السلطة المركزية التي غالباً ما تأتي متأخرة .
4- تحقيق العدالة في توزيع حصيلة الضرائب وتوفير الخدمات في كافة أرجاء الدولة ، على عكس المركزية الإدارية حيث تحظى العاصمة والمدن الكبرى بعناية أكبر على حساب المدن والأقاليم الأخرى .
5- تقدم اللامركزية الإدارية حلاً لكثير من المشاكل الإدارية والبطء والروتين والتأخر في اتخاذ القرارات الإدارية وتوفر أيسر السبل في تفهم احتياجات المصالح المحلية وأقدر على رعايتها .

ثانياً : عيوب اللامركزية الإدارية :


1- يؤدي هذا النظام إلى المساس بوحدة الدولة من خلال توزيع الوظيفة الإدارية بين الوزارات والهيئات المحلية .
2- قد ينشأ صراع بين الهيئات اللامركزية والسلطة المركزية لتمتع الاثنين بالشخصية المعنوية ولأن الهيئات المحلية غالباً ما تقدم المصالح المحلية على المصلحة العامة .
3- غالباً ما تكون الهيئات اللامركزية أقل خبرة ودراية من السلطة المركزية ومن ثم فهي أكثر إسرافاً في الإنفاق بالمقارنة مع الإدارة المركزية .
ولا شك أن هذه الانتقادات مبالغ فيها إلى حد كبير ويمكن علاجها عن طريق الرقابة أو الوصايا الإدارية التي تمارسها السلطة المركزية على الهيئات اللامركزية والتي تضمن وحدة الدولة وترسم الحدود التي لا تتجاوزها تلك الهيئات .

وفي جانب آخر يمكن سد النقص في خبرة الهيئات اللامركزية من خلال التدريب ومعاونة الحكومة المركزية مما يقلل من فرص الإسراف في النفقات والأضرار بخزينة الدولة.
ويؤكد ذلك أن اغلب الدول تتجه اليوم نحو الأخذ بأسلوب اللامركزية الإدارية على اعتبار أنه الأسلوب الأمثل للتنظيم الإداري .

___________
 انتم أيضا
لا تتردوا في اغناء المدونة بمواضيع يمكن أن تفيد الأخرين وخاصة العروض منها والوثائق والمستندات دات الأهمية القصوي إلى البريد الالكتروني التالي:
Email: kanoonma@gmail.com
أو عبر نموذج “اتصل بنــا” أسفل المدونة، او عبر رسالة في الفيسبوك
http://www.facebook.com/messages/JahlDroit
 ________________________________
 ملاحظـــــــــــة
ليصلك جديد المحاضرات والمواضيع / قم بالتسجيل في القائمة البريدية

أضف تعليق

Filed under القانون المغربي, القانون العام, اللامركزية الإدارية, الجهوية المتقدمة, الجبايات المحلية, الحكامة, تعاريف قانونية

هل يستجيب القانون رقم 47.06 المنظم للجبايات المحلية لمشروع الجهوية المتقدمة بالمغرب

 

هل يستجيب قانون 47.06 لمشروع الجهوية المتقدمة بالمغرب

 

تقديم

إذا كان النظام الجبائي المحلي يقصد به مجموعة الضرائب والرسوم المستحقة لفائدة الجماعات الترابية وهيآتها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فإن أهم ما ميّز هذا النظام بالمغرب هو مروره من عدة محطات سواء قبل الحماية، أو خلالها او بعد حصول المغرب على الاستقلال، نظرا لمتطلبات كل مرحلة على حدة. ولعل قانون 47.6 هو آخر قانون منظم للجبايات المحلية مازال الاعتماد عليه إلى حد الآن منذ دخوله حيز التنفيذ في الفاتح من يناير 2008.

dddfdsf

 

بيد أنه سرعان ما دخل المغرب في ورش كان الأول من نوعه، استمرار في الإصلاحات التي عرفها مسلسل اللامركزية ببلادنا. وذلك بإرادة ملكية سامية، تمثل هذا الورش في مشروع الجهوية المتقدمة، استجابة ومواكبة لما تطلبته مرحلة المغرب الجديد، حيث قام الملك بتعيين لجنة استشارية في الثالث من يناير سنة 2010، وكلفها بإعداد تقرير حول المشروع والنظر في امكانية تنزيله على أرض الواقع، قصد ترسيخ جهوية متقدمة لتحقيق تنمية شاملة ومتوازنة وتعزيز الديمقراطية المحلية والحكامة الترابية والمنظومة الجبائية ليست استثناء من هذا المشروع .

 

إلا ان الاشكال الذي يبقى مطروحا هنا، هو ما مدى استجابة قانون 47.06 لمشروع الجهوية المتقدمة ؟

– أليس من شأن فارق الوجود أن يكون وحده كفيل بالبث في عدم الاستجابة ؟ علما أن قانون 47.06 كان سابقا لمشروع الجهوية المتقدمة زمنيا؟ أم أن اشكاليتي التقطيع الترابي ومكانة الجهة كجماعة ترابية مهمة يمكن ان تزيد من حدة عدم الاستجابة ؟

هذا ما سنحاول الإجابة عنه في موضوعنا هذا المتواضع وذلك من خلال مبحثين سنخصص الأول لدراسة مظاهر عدم الاستجابة: من حيث الوجود. والثاني سنتناول فيه إشكالية التقطيع الترابي و إشكالية مكانة الجهة كمظاهر لعدم الاستجابة.

 

 

*المبحث الأول: مظاهر عدم الاستجابة: من حيث الوجود.

 

بما أن القانون 47.06 المتعلق بجبايات الجماعات الترابية سابق لمشروع الجهوية المتقدمة فسنتطرق لإطاره الزمني و أسباب صدوره في المطلب الأول ثم لمشروع الجهوية المتقدمة في المطلب الثاني.

 

المطلب الأول : الإطار الزمني لقانون 47.06 .

إن المنظومة الجبائية المغربية مرت عبر مجموعة من المراحل، كان آخرها قانون 47.6. ولقد عجلت بصدوره الإكراهات و الصعوبات التي عرفها القانون الذي كان قبله رقم 89.30. حيث جاء (قانون 47.06) لتعزيز اللامركزية بالمغرب و لتجاوز الإختلالات و الثغرات المتعددة و لتمكين الجماعات الترابية من التوفر على منظومة جبائية أكثر نجاعة تضمن مسايرة التوجهات العامة لمختلف الإصلاحات التي انخرط فيها المغرب و ذلك من خلال تبني مجموعة من الأهداف تتمثل في تبسيط الجبايات المحلية و تحسين مردوديتها و تبسيط المساطر الجبائية كما يمكننا القول أن قانون 47.06 المتعلق بالجبايات المحلية جاء ضرورة أملتها ظروف الواقع الذي عايشه النظام الجبائي المحلي بمختلف المشاكل و التحديات التي واكبت تطبيق القانون رقم 89.30.

 

المطلب الثاني : الاطار الزمني لمشروع الجهوية المتقدمة.

يعتبر ترسيخ الديمقراطية و دعم حقوق الانسان و توسيع الحريات العامة و الفردية من أساسيات مشروع المجتمع العصري الديمقراطي و المتضامن الذي تبناه الملك (محمد السادس) حيث سجل المغرب في هذا الشأن تقدما كبيرا خلال السنوات الأخيرة و قد عمل المغرب منذ فجر الإستقلال على تطوير تجربته في اللامركزية و التي عرفت إصلاحات متواصلة.

و قد أكد المغرب عزمه خلال سنة 2009 على مواصلة الإصلاحات الرامية إلى تطور اللامركزية من خلال تعديل جديد في الميثاق الجماعي و هنا أتى مفهوم الجهوية المتقدمة كبديل ديمقراطي جاء به الملك ولأول مرة في خطابه ليوم 3 يناير 2010 قصد تجاوز الإختلالات التي عرفها تدبير الشأن المحلي وقصد النهوض بالجهات لممارسة حقها الديمقراطية في تدبير شأنها المحلي ومنحها استقلالا ماليا حقا يخولها القيام بالاختصاصات الجديدة لها أيضا رغبة في وضع أسس لما هدفه الانسجام الجغرافي و الاقتصادي لخلق وحدة التوازن و التكافل و التضامن.

لكل هذا عينت لجنة استشارية تقوم بدراسة هذا المفهوم الجديد للجهوية كمشروع و مدى امكانية تنزيله على أرض الواقع إذ اقترحت هذه الأخيرة مجموعة من الإقتراحات تعتبر بمثابة تقرير أخد بعين الاعتبار كل المعطيات في سرد و إعداد هذا المشروع.

 

 

*المبحث الثاني : اشكالية التقطيع الترابي و مكانة الجهة كمظهر من مظاهر عدم الاستجابة.

 

إضافة إلى اعتبار أن وجود قانون 47.06 قبل مشروع الجهوية المتقدمة زمنيا كان مظهرا واضحا في عدم استجابة القانون للمشروع. فإنه و مما لاشك فيه أن التقطيع الترابي الجديد الذي جاء به مشروع الجهوية المتقدمة سيكون مظهرا من مظاهر عدم الاستجابة أيضا , دون غض النظر عن مكانة الجهة.

 

المطلب الأول: اشكالية التقطيع الترابي.

لقد عرف التقطيع الترابي بالمغرب تطورا ملحوظا منذ الاستقلال فإذا نظرنا إلى التقسيم الجهوي لسنة 1971 نجده قد قسم المجال الترابي إلى 7 جهات اقتصادية. و لقد كان لمبدأ التكامل داخل الجهة الواحدة المعتمد في هذا التقطيع حضورا كبيرا يحتل مكانة الأولوية بحيث جعل لكل جهة نصيبا من مختلف مظاهر الجغرافية( السهل , الجبل , الساحل …) و كان ذلك في ظروف ولت, كانت مطبوعة بقلة الوسائل و باقتصاديات منغلقة نسبيا تسيطر عليها المبادلات المحلية. أما اليوم فإن هذه الاعتبارات تلاشت، نظرا للانفتاح الاقتصادي و للعولمة و لتطور بنيات التواصل بين البشر و تنقل الخيرات و الأفكار,هذا ما أدى إلى اللجوء إلى تقسيم ترابي جديد تجلى في تقسيم 1997 و الذي جاء هو الأخير بمعايير لتقسيم المجال تقسيما جديدا يتخطى التقسيم المعتمد آنذاك و يساير المرحلة إلا أنه و مع تطور مسلسل الاصلاحات بالمغرب و بعد دخول مفهوم الجهوية المتقدمة حيز الوجود رأت اللجنة الاستشارية المكلفة بإعداد تقرير حول المشروع أن هذا التقسيم لم يعد يواكب المرحلة خصوصا و أننا بصدد إدخال هذا الورش-أي الجهوية المتقدمة- حيز التنفيذ بحيث اعتبرت أن التقطيع الترابي يشكل جانبا أساسيا من مشروع الإصلاح الجهوي ,أي الوصول إلى جهات داعمة للاستمرار متماسكة و مستقرة تقام على أعلى المعايير وجاهة, و الحالة هذه فإن تقطيع سنة 1997 يبدي بعض المشاكل من حيث وجاهة المعايير المعتمدة فيه و بالتالي من حيث تماسك الكيانات الترابية الناجمة عنه و كذا من حيث قابليتها للاستمرار و بالتالي اقترحت مراجعة هذا التقسيم و تصحيح الاختلالات التي تعد من بين الأولويات الأساسية لتقوية آلية التواجد و اعتمد التقسيم 12 جهة مراعيا في التقطيع النقط الأساسية التالية:

– تقطيع ترابي يلائم الأهداف التنموية البحتة.

– مراعاة التجانس وسيادة منطق التنمية و سيطرته.

– القضاء على التفاوتات المجالية و تحريك الاقتصاد الجهوي.

– توافر مجال ترابي متجانس بمكوناته الترابية.

 

و بهذا تكون اشكالية التقطيع الترابي تمثل وجها أو مظهرا من مظاهر عدم استجابة القانون 47.06 لمشروع الجهوية المتقدمة بحيث أن القانون وضع في أرضية مقسمة تقطيعا ترابيا اعتبره مشروع الجهوية المتقدمة تقطيعا متجاوزا و بالتالي يستحيل أن تتحقق الإستجابة.

 

المطلب الثاني: مكانة الجهة كمظهر من مظاهر عدم الاستجابة.

إذا كان من شأن التقطيع الترابي الجديد الذي جاء به مشروع الجهوية المتقدمة يختلف عن ذلك المعتمد عند وضع قانون 47.06 أن يكون مظهرا من مظاهر عدم استجابة القانون للمشروع فإن مكانة الجهة كجماعة ترابية في الوقت الذي وضع في قانون 47.06 أيضا لم تكن هي المكانة التي منحها إياها مشروع الجهوية المتقدمة، بحيث كانت الجهات دائما ضحية القوانين المنظمة للجبايات نظرا لما تعانيه المجالس الجهوية من ضعف حجم المداخيل مع العلم أنها هي من تشكل الإطار الخاص للتنمية على المستوى المحلي.هذا ما جعل اللجنة الإستشارية للجهوية المتقدمة تعلي بمكانة الجهة كجماعة ترابية تقوم بالدور الأساس في التنمية و فضاء رئيسي لبلورة السياسات العمومية في بعدها الجهوي فموازاة مع الاختصاصات المنوط بها، سواء منها الذاتية أو المنقولة المتعلقة أساسا بالتشغيل و النهوض بمحيطها الترابي، و التكوين المهني و دعم المقاولات ….، ينبغي توفير موارد مناسبة لتلبية حاجيات الجهة حتى تقوم بوظائفها على أكمل وجه, فالجهوية المتقدمة تستوجب الزيادة في الموارد المرصودة للمجالس الجهوية من قبل الدولة بشكل ملموس لكي تتمكن من إنجاز أعمال في مجال التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية, يتعين الرفع من عائدات الضرائب و الرسوم المرصودة من طرف الدول بمجالس الجهوية برفعه من الحصة المرصودة لها من الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات من %1 إلى %5 و اقتسام متساوي بين الدولة و المجالس الجهوية لعائدات رسوم التسجيل و الضريبة السنوية الخاصة على العربات ذات المحرك, ثم تخويل أهلية الإستفادة من عائدات الضريبة على القيمة المضافة, و ستمكن هذه المقترحات من رفع الموارد السنوية الإجمالية للجهات إلى مالا يقل عن 8 ملايين درهم.

وبهذا تكون الجهة تتمتع بسلطة جبائية توفر لها موارد مالية ذاتية قارة تساعدها على تحقيق الاستقلال المالي الفعلي و استقلالية في الضرائب.

 

وخلاصة القول فوضعية الجهة بعد صدور قانون 47.06 بالنظر إلى مواردها المحدودة جدا, لا تتماشى بتاتا مع الهدف الذي رسمه لها مشروع الجهوية المتقدمة.و بالتالي كان ذلك مظهرا حقيقيا عن عدم استجابة القانون 47.06 لمشروع الجهوية المتقدمة لا يقل أهمية عن المظاهر السابقة الذكر.

 

خاتمة

وفي الختام, أمكننا القول أنه من البديهي أن لا يستجيب قانون لمشروع وضع بعده بسنوات لأن لكل مرحلة خصوصيتها ومتطلباتها إلا أنه تبقى إمكانية الملائمة حاضرة كقاعدة جاءت في تقرير اللجنة الإستشارية للجهوية المتقدمة مفادها ملاءمة نصوص و قوانين تنظيمية و تشريعية تندرج فيها المقترحات المسايرة للدستور الحالي و الواردة في مشروع الجهوية المتقدمة و نظام الجبايات ليست استثناءا من هذه النصوص التي يجب ملاءمتها .

ويبقى السؤال مفتوحا.إلى أي حد سيبقى مشروع الجهوية المتقدمة مشروعا منتظرا لا مكان له في الواقع؟ و متى سيعاد النظر في النصوص التنظيمية و التشريعية التي يجب ملائمتها لمواكبة مشروع الجهوية المتقدمة عند دخوله واقع التطبيق؟

 

 

بقلم: أسامة حميدون

أضف تعليق

Filed under القانون المغربي, القانون العام, الجهوية المتقدمة, الجبايات المحلية, الحكامة