Category Archives: المسطرة المدنية

مسطرة الحجز لدى الغيرفي القانون المغربي – الاجراءات والعوارض

مسطرة الحجز لدى الغيرفي القانون المغربي – الاجراءات والعوارض – 

من إعداد : السيد بوبكر أساوري 
* متصرف مساعد *
بالمحكمة التجارية بأكادير

تعريف 

الحجز لدى الغير إجراء يلجأ إليه الدائن الحاجز لحماية حقه فيتعرض بين يدي المحجوز لديه على المبالغ والقيم المنقولة التي يحوزها هذا الأخير لفائدة المدين المحجوز عليه منعا له من التصرف فيها تصرفا يضر بحقوقه .
ويتم إيقاع الحجز لدى الغير بواسطة كتابة الضبط في حالة وجود سند تنفيذي أو بناء على أمر يصدره رئيس المحكمة وهو من حيت الطبيعة القانونية يعتبر طريقا من طرق التنفيذ الجبري ويبدأ دائما كحجز تحفظي يقصد به حبس أموال المدين في يد وذمة الغير الذي يمنع من الوفاء بها للمحجوز عليه تم يتحول إلى إجراء تنفيذي عند مرحلة تصحيحهفيتأتى للحاجز بعد حصوله على الحكم بالتصحيح أو المصادقة أن يتسلم من المحجوز لديه المبالغ المحجوزة .

1- اجراءات الحجز لدى الغير 
1-1 إيقاع الحجز لدى الغير 
يتم إيقاع الحجز لدى الغير بناء على أمر من رئيس المحكمة ) الابتدائية – التجارية – الإدارية كل في حدود اختصاصه النوعي ( أو بناء على سند تنفيذي ) حكم / أمر مذيل بالصيغة التنفيذية الفصل 488 من ق . م . م .)

1-2 تبليغ الحجز لدى الغير 
يفتح ملف بمكتب الحجز لدى الغير بهذه المحكمة بناء على طلب يتقدم به المستفيد من إيقاع الحجز لدى الغير ويرفق طلبه بالنسخ التبليغية الكافية والنسخة التنفيذية وحامل لتأشيرة المفوض القضائي * جرت العادة بهذه المحكمة أن تحال إليه – مكتب الحجز لدى الغير – ملفات التنفيذ التي تنجز بها محاضر الحجز لدى الغير بناء على طلب صاحب المصلحة .

ا – طرق التبليغ :
يتم التبليغ طبقا للفصول 37/38/39 من ق . م . م . لكونه هو الأصل ( الفصل 492 من ق . م . م جاء عاما ولم يوضح إجراءات تبليغ الحجز لدى الغير بالتفصيل ) أي بواسطة احد أعوان كتابة الضبط أو المفوض القضائي تم الطريق الإدارية أو الدبلوماسية تم بواسطة البريد المضمون مع الإشعار بالتوصل أو عن طريق مسطرة القيم , ولكي ينتج أثاره القانونية يجب أن يتم تبليغه وفق الشكليات والطرق المحددة قانونا تحت طائلة البطلان الذي قد يتمسك به المبلغ إليه .

* مسطرة القيم تطبق في حق المحجوز عليه فقط ففي حالة تعذر تبليغ المحجوز لديه يكون الحجز غير ذي محل ويتعين التصريح ببطلانه ولاحظنا ان العديد من الملفات بهذه المحكمة لا يعمل أصحابها على مواصلة إجراءات التبليغ فيتم تحفيظها .
* تنبه إلى مسالة أولوية التبليغ المشرع الفرنسي والمصري فأوجبا تبليغ المحجوز لديه أولا تم بعد ذلك المحجوز عليه على اعتبار ان الهدف من الحجز هو السرعة حتى لا يصل الخبر إلى المدين فيقوم بسحب أمواله .

ب – بيانات المحضر :
عادة يجب أن يتوفر محضر الحجز لدى الغير على بعض البيانات الأساسية :
– تاريخ تحرير المحضر
– أسماء الأطراف وعناوينهم والأساس الذي استصدر به الحجز
– رقم حساب الموظف ان وقع الحجز لدى الخزينة العامة و الاجتهاد القضائي استقر على ان الحاجز لا يلزم بالإدلاء برقم الحساب البنكي
– بيانات اصل المبلغ المطلوب حجزه والفوائد والمصاريف ان وجدت
– نهي المحجوز لديه عن الوفاء بما في يديه إلى المحجوز عليه اوتسليمه إياه (فصل 489 من ق . م . م .) أو تكليفه بالإدلاء بالتصريح بما في ذمته تحت طائلة الحكم عليه بأداء الاقتطاعات التي لم تقع والمصاريف ( ف .494 من ق . م . م .)
* بهذه المحكمة يتم مراقبة إجراءات التبليغ بصورة تلقائية فلا تدرج بجلسة الاتفاق الودي الا الملفات الجاهزة .

1-3 جلسة محاولة الاتفاق 
يستدعى الأطراف لجلسة قريبة وذلك خلال الثمانية أيام الموالية للتبليغات المنصوص عليها في الفصل 492 ( فصل 494 من ق . م . م . )* اجل الثمانـية أيام يصعب احترامه والمشرع بدوره لم يرتب عليه أي جزاء .
واشترط المشرع المغربي ضرورة إجراء محاولة التوفيق الودي بين الأطراف فالصلح خير من المنازعة التي قد تطيل أمد الخصومة فتتراكم الدعاوى على القضاء . وتنتج عن الجلسة حالتين :

ا – حالة اتفاق الأطراف : 
( منصوص عليها في فقرة 2 من الفصل 494 من ق . م . م .)
بعد الاتفاق على صحة الدين ومقداره وعلى التصريح الايجابي المدلى به يحرر محضر بهذا الاتفاق وتسلم قوائم التوزيع فورا وإذا تعدد للدائنون يوضح في المحضر المبالغ الواجبة لكل واحد من الحاضرين وهذا المحضر كاف للدائنين الحاجزين لتسلم ديونهم مباشرة من المحجوز لديه متى كانت المبالغ كافية لسداد ديونهم ولايمكن للأطراف الحاضرين الرجوع فيه او المنازعة في مضمونه ولا يعرض بعد تحريره على أنظار القضاء للبث فيه وعادة لايكتفى بالمحضر ويصدر القاضي أمرا يضمنه اتفاق الأطراف والمبالغ الواجبة لكل واحد من الحاضرين

ب – حالة عدم اتفاق الأطراف :
( المنصوص عليها في الفقرة 3 من ف 494 ق . م . م .)

عدم الاتفاق يتحقق في احد صورتين :
* تخلف الدائن الحاجز أو المحجوز عليه أو المحجوز لديه أو امتناعه عن الإدلاء بالتصريح .
* حضور الأطراف و تخلف أو حضور المحجوز لديه مع سبق إدلائه بالتصريح فلا يقع الاتفاق ل :
– منازعة المدين في صحة او مقدار الدين
– منازعة الدائن أو المدين في التصريح

1-4 دعوى المصادقة على الحجز لدى الغير :
يقصد بها تحويله من مرحلته التحفظية إلى مرحلته التنفيذية والإذن للحاجز بتسلم المبالغ المحجوزة في حدود مبلغ الدين والفوائد مع تحديد الحصة غير القابلة للحجز لدى الغير مالم يكن قد سبق تحديدها من طرف رئيس المحكمة عند إصدار الأمر بإيقاع الحجز فيتقدم الحاجز بطلب يرمي إلى المصادقة على الحجز لدى الغير فما هي الشروط الإجرائية لدعوى المصادقة :

ا – ضرورة تبليغ الحجز إلى المحجوز لديه والمحجوز عليه 
اذ يترتب على عدم التبليغ بطلان كل إجراءات حجز ما للمدين لدى الغير واعتبار الحجز كان لم يكن وزوال الآثار التي ترتبت عليه فيستطيع المحجوز عليه استرداد أمواله من المحجوز لديه .

ب – ان يكون الدين حالا وثابتا و قابلا للوفاء 
وهذا الشرط يكون متوفرا عندما يتأسس الحجز لدى الغير على سند تنفيذي حائز لقوة الشيء المقضي به وأصبح انتهائياوبالتالي ذهب اغلب العمل القضائي إلى اشتراط ان يكون الدين ثابتا بمقتضى سند تنفيذي في حين ذهب بعض العمل القضائي إلى اعتبار قاضي المصادقة هو قاضي الأداء بحجية انه ليس ضمن مقتضيات الفصل 494 ق . م . م . ما يوجب ان يكون الدين ثابتا بمقتضى سند تنفيذي لهذا فقاضي المصادقة مؤهل ومختص بالنظر في الطلب الرامي إلى الأداء والذي صدر الأمر بالحجز ضمانا له .

ج – عدم صدور أمر برفع الحجز لدى الغير 
فخلاف ذلك يجعل دعوى المصادقة على الحجز غير ذات موضوع لأنه يأذن للمحجوز عليه بتسليم المبـالغ لدى المحجوز لديه مالم يصدر أمر قضائي بقصر الحجز لأنه يبقي جزا من الأموال محجوزا

د – ان يتم حجز مبالغ مالية بين يدي المحجوز لديه 
فبإدلاء المحجوز لديه بالتصريح السلبي أو إنكاره العلاقة بينه وبين المحجوز عليه ولم ينازع في ذلك الحاجز ولا المحجوز عليه أو نازع فيه احدهما ولكن المحكمة ردت منازعته فان الحجز لدى الغير يكون باطلا لانعدام محله .

2- عوارض الحجز لدى الغير 


مسؤولية إيقاع الحجز لدى الغير 
المشرع المغربي وضع مبادئ عامة ك : حسن النية هو الأصل مادام العكس لم يثبت وممارسة الحقوق يجب ان تتم بحسن نية ولاضرر ولاضرار والضرر يزال … غير ان لجوء الحاجز باستعماله مسطرة الحجز لدى الغير وان كانت حقا مشروعا بشكل تعسفي يرتب عنه ضررا بالمحجوز عليه فيحرم من التصرف في أمواله ويثاتر نشاطه ومركزه التجاري وتسوء سمعته في السوق دفع بالعمل القضائي بالمغرب إلى إلزام الحاجز بتعويض الضرر الذي قد يلحق بالمحجوز عليهواعتباره مسؤولا مدنيا فان ثبت ان كان هناك تعسف في إيقاع الحجز كان يمطر المحجوز عليه بإجراءات مبالغ فيها ليشل حركته المالية أو ان يضر بمصالحه وكان من الممكن ان يتجنب هذا الضرر أو يزيله أو في حالة لجوء الحاجز إلى اغواء القاضي بأدلة كيدية بقصد الأضرار واوقعه في الخطأ .
اما ان لم يثبت تعسف الحاجز فهو لا يعد مسؤولا عن الاضرار التي لحقت بالمحجوز عليه .

* دعوى إيقاع الحجز لدى الغير دعوى غير مقيدة بأجل مما قد يفتح المجال أمام إيقاع حجوز كيدية وهذا يستلزم تدخل المشرع لتقييد او رفع هذه الدعوى بأجل محدد

إبطال محضر الحجز لدى الغير 
يبطل محضر الحجز لدى الغير طبقا للقواعد العامة التي يتعين توفرها في محضر التبليغ اواذا كان التبليغ باطلا كتخلف بعض البيانات الأساسية :

عدم التنصيص على السند التنفيذي أو الأمر القضائي الصادر بناء عليه أو عدم ذكر المبلغ المراد حجزه
ولكل ذي مصلحة ان يتمسك بالبطلان رغم ان هناك أراء ترى ان :
– المحجوز لديه هو وحده صاحب الصفة لأن بيانات الحجز ذكرت لمصلحة المحجوز لديه وحده
– المحجوز عليه والمحجوز لديه هما صاحبا الصفة لان الحجز مقرر لمصلحتهما فقط
شمول الحكم بالمصادقة على الحجز لدى الغير بالنفاذ المعجل :
ذهب بعض الفقه إلى ان الحكم بالمصادقة لا ينفذ إلا بعد استنفاذ كل طرق الطعن العادية أو الإدلاء بشهادة بعدم التعرض أو الاستئناف طبقا للفصل 437 من ق . م . م . اما بالنسبة للعمل القضائي فهناك ثلاث اتجاهات :
الاتجاه الأول لا يجيز شمول الحكم بالنفاذ المعجل اعتمادا على الفصل 494 من ق . م . م . الذي ينص صراحة على انه يقع تنفيذ الحكم بمجرد انتهاء اجل الاستئناف ولايمكن إشفاعه بالنفاذ المعجل .
الاتجاه الثاني يجيز ذلك متى توفرت إحدى الشروط المنصوص عليها في الفصل 147 من ق . م . م . ( وجود سند رسمي / تعهد معترف به / حكم سابق غير مستأنف )

الاتجاه الثالث في حالة عدم إدلاء المحجوز لديه بالتصريح وعدم توفر الشروط أعلاه أي الفقرة الأولى من فصل 147 من ق . م . م . يجوز للمحكمة ان تأمر بالتنفيذ المعجل بكفالة او غيرها حسب ظروف القضية التي يجب توضيحها استنادا للفقرة الثانية من فصل 147 من ق . م . م .

الالتزام بالتصريح بما في الذمة : 
يلتزم المحجوز لديه بالتصريح بما في ذمته حتى يعلم الحاجز ( القضاء ) أموال مدينه فقد يجهل وضعيته المالية أو حتى العلاقة التي تربط المحجوز عليه به لهذا يكشف التصريح عن تلك الوضعية والعلاقة ليتمكن الحاجز من مواصلة إجراءاته.
ويتم تكليف المحجوز لديه في محضر الحجز لدى الغير الإدلاء بالتصريح بما في الذمة ولا يعد الحجز باطلا ان لم يرد بالمحضر هذا التكليف وعادة ما يتم إلزامه بالتصريح أثناء استدعاء الأطراف لأول جلسة
وقد يتمسك المحجوز لديه في المرحلة الاستئنافية بأنه لا يتوفر على أية مبالغ بعد ان لم يسبق له الإدلاء بأي تصريح رغم استدعائه وإشعاره بالإدلاء بالتصريح وهنا قد يرد استئنافه لان عبء إثبات دائنية المحجوز عليه تقع على المحجوز لديه وحده وقد يقبل طلبه على اعتبار ان له الحق في دحض قرينة افتراض ملاءة ذمته بدين المحجوز عليه بكل الوسائل القانونية ( وهذا ما تبناه العمل القضائي بفرنسا ).
* المشرع المغربي لم يحدد اجلا للتصريح بما في الذمة وان ذهب بعض العمل القضائي إلى اعتبار ذلك الأجل محدود بمرحلة عرض النزاع أمام محكمة الدرجة الأولى عكس :
– القانون الفرنسي الذي حدد له أجل ثمانية أيام
– القانون المصري حدد له أجل خمسة عشرة يوما
– القانون التونسي حدد له الأجل إلى غاية رفع دعوى تصحيح الحجز
ويعفى المحجوز لديه من الإدلاء بالتصريح طبقا للفصل 496 من ق . م . م .

مسؤولية المحجوز لديه عن عدم التصريح بما في الذمة : 
رتب المشرع مسؤولية على المحجوز لديه لحمله على التصريح بما في ذمته ففي حالة عدم إدلائه بالتصريح أو قام به على غير الوجه الذي يتطلبه القانون فانه يلزم بأداء تعويض للحاجز وهذا ما تنص عليه الفقرتان الثالثة والرابعة من الفصل 494 من ق . م . م . ويلزم لتطبيق هذا الجزاء شروط ان توفرت كان للمحكمة ان تلزم المحجوز لديه بهذا الحق ولو لم يكن الدين ثابت أو كانت المديونية اقل من الحق الذي وقع بسببه الحجز وهي :

ان يكون بيد الحاجز سند تنفيذي
ان يطلب الحاجز من المحكمة إيقاع هذا الجزاء
عدم إدلاء المحجوز لديه بالتصريح مطلقا أو لم يقم به على الوجه المطلوب أو في الميعاد المحدد
إلا يكون الحجز ذاته قد سقط أو اعتبر كان لم يكن أو حكم ببطلانه
لا يشترط حصول ضرر للحاجز فالضرر الذي يصيبه افتراضي
وللمحكمة طبقا لما تراه من ظروف الدعوى وملابساتها السلطة التقديرية فتحكم على المحجوز لديه بمصاريف الدعوى وتلزمه بتعويض الحاجز عن الضرر الذي أصابه من تأخير التصريح أو التقصير فيه وان ذهب العمل القضائي المغربي في اتجاه تشديد الجزاء ولم يعد يكتفي بإدانة المحجوز لديه بأداء الاقتطاعات التي لم تقع  فصل 494 من ق . م . م

المنازعة في التصريح بما في الذمة 
التصريح بما في الذمة اقرار قضائي يلزم المحجوز لديه وحده ولا يملك الرجوع فيه إلا ان يشوبه خطا مادي فيجوز له تصحيحه ويجوز لباقي الأطراف ان ينازعوا في التصريح وذلك أثناء جريان دعوى المصادقة وهي غير مقيدة بأجل ( القانون الفرنسي اجل شهر  وعندما يباشرها الحاجز يعتبرها البعض دعوى غير مباشرة فيحل محل المحجوز عليه ولا يجوز له التمسك إلا بالوسائل التي يجوز ان يحتج بها المحجوز عليه و بعض الفقهاء يعتبرونها دعوى مباشرة ويجوز له إثبات الدين بكافة وسائل الإثبات .

جزاء الوفاء 
اعتبر المشرع ان كل وفاء يقوم به المحجوز لديه للمحجوز عليه يعد باطلا باستثناء الحجز على الجزء الغير قابل للحجز ويقصد بالبطلان هنا ليس بمفهومه القانوني المدني الموضوعي بل هو بطلان مسطري من نوع خاص فالحاجز له ان يلزم المحجوز لديه بالوفاء له مرة أخرى وينفذ جبرا على أمواله لاقتضائه حقه وحتى إذا كانت إجراءات الحجز لدى الغير باطلة لأي سبب من الأسباب أو كان ذلك الوفاء لا يسبب ضررا للحاجز فان أي وفاء يكون على مسؤولية المحجوز لديه بحيث ان فرضنا ان القضاء أصدر فيما بعد حكما بصحة ذلك الحجز وجب عليه الوفاء .

إيقاع الحجز على الحجز 
يقر الفصل 493 من ق . م . م . صراحة عدم جواز إيقاع حجز على حجز والدائن الثاني غير ملزم بإعادة إجراءات الحجز بل يجوز له التعرض على تسليم المبالغ حتى يتم توزيعها بينهم بالمحاصة ان لم يحصل الاتفاق و كانت المبالغ المحجوزة غير كافية لسداد قيمة جميع التعرضات ويطرح هذا الأمر بعض الإشكاليات كصعوبة وصول الحاجز الثاني إلى كافة المعلومات التي ستفيده في تعرضه كمراجع الملف والمحكمة التي أصدرت الحجز الأول …
والحجز الأول لا ينشا عنه أي امتياز بل هو مجرد وسيلة من وسائل التنفيذ الجبري ولا يعد من الضمانات العينية كما ان إيقاع الحجز لا يترتب عليه خروج المال من يد صاحبه إذ يجوز إيقاع حجوز أخرى على ذات المال .
* ذهب العمل القضائي إلى منع التمسك بالمقاصة بين دين المحجوز عليه ودين المحجوز لديه الذي قد ينشا في ذمة المحجوز عليه بعد الحجز .

أهم حالات الحجز لدى الغير التي أثارت الجدل في الفقه والقضاء :

الحجز على أموال الدولة والمؤسسات العمومية : 
لم ينظم المشرع المغربي هذه المسالة فذهب اتجاه إلى القول بعدم جواز إيقاع حجوز على الأشخاص الاعتبارية كالدولة والجماعات المحلية فأموال المرفق العام لا يجوز الحجز عليها لأنها الوسيلة الفعالة التي بمقتضاها تتحقق الخدمات العامة للجمهور وتبعا لذلك لا يمكن الحجز عليها حتى نضمن بمقتضاها استمرارية الخدمات التي يتولى القيام بها إما حق الدائن فتضمنه تلك القاعدة العامة التي تفترض الملاءة في الدولة .
وذهب اتجاه أخر وأجاز الحجز على أموال الدولة وحجته في ذلك انه لا يوجد نص يستثني الدولة من التنفيذ والدولة لا تستثنى من تنفيذ الأحكام ومن المفروض في المؤسسات العمومية الإسراع بتنفيذ الأحكام والرضوخ لها ترسيخا لمبدأ المشروعية وفعالية السلطة القضائية وهذا الاتجاه هو الذي بدا يتبناه القضاء المغربي .

الحجز على أموال البنوك : 
استثنى البعض من إمكانية إيقاع الحجز على أموالها لافتراض الملاءة واليسر لا العسر ولكونها مراقبة من سلطة الوصاية التي لا تسمح لها بالمساس بما يسمى الاحتياطي التقني الذي يشكل ضمانا للدائنين اما الرأي المخالف فيرى غياب نص تشريعي يمنع صراحة الحجز على أموال البنوك وقرينة افتراض الملاءة تعطل عند امتناع عن الوفاء بالتزاماتها رضاء مما يلزم معه سلوك طرق التنفيذ الجبري .
الحجز على رصيد الحساب بالإطلاع لدى البنك : 
عرفه المشرع المغربي في فصل 493 من مدونة التجارة بقوله : الحساب بالإطلاع عقد بمقتضاه يتفق البنك مع زبونه على تقييد ديونهما المتبادلة في كشف وحيد على شكل أبواب دائنة ومدينة والتي بدمجها يمكن كل حين استخراج رصيد مؤقت لفائدة احد الأطراف .
فيلجا البنك والزبون إلى دمج ديونهما المتبادلة المقيدة على شكل أبواب دائنة ومدينة في كشف واحد وإجراء المقاصة بين الباب الدائن والباب المدين لاستخراج الرصيد النهائي والإشكالية تبرز من جانب ان هذا الحساب لا يحدد بشكل مطلق الجانب المدين من الدائن مما يطرح التساؤل كيف يتم تحديد وعاء هذا الحجز بعد إيقاعه من طرف الدائن .
الرأي الأول ذهب إلى قبول إجراء الحجز لدى الغير أثناء سير الحساب بالإطلاع واعتبر ان الحجز لا يقع إلا على جزء الرصيد الذي يخص المدين المحجوز عليه عند قفل الحساب فمفعول هذا الحجز يتأجل لغاية قفل الحساب وتحديد الرصيد الدائن .
الرأي الثاني اعتبر ان الحساب بالإطلاع يتجمد ابتداء من تاريخ إيقاع الحجز ولايتم إيقافه وعلى البنك ان يعمل على تسجيل العمليات اللاحقة لإخطاره بالحجز في كشف جديد في انتظار تحديد الرصيد المؤقت للحساب وذلك داخل اجل ستين يوم – وهو اجل تقديم الشيك الصادر خارج المغرب وعشرون يوما إذا كان صادرا بالمغرب –
الرأي الثالث يذهب إلى ان إيقاع الحجز يلزم البنك بقفل الحساب مباشرة ليخلص الى رصيد نهائي يقع عليه الحجز إذا كان لفائدة الزبون .
الحجز على أموال مودعة في خزائن خاصة بالبنوك
انقسم الفقه حول الطبيعة القانونية للعقد الذي يربط البنك بعميله حيث يقوم البنك بتقديم خدمة لهم تتمثل في تخصيص خزائن في مكان خاص يعده البنك لهذا الغرض لكل خزنة رقم معين وللزبون حرية الدخول وفتح الخزنة ليأخذ منها ما يشاء دون ان يطلع على ذلك احد بما فيه البنك …. فهناك من اعتبره عقد وديعة أو عقد كراء أو عقد حراسة أو عقد مستقل …

ومن تم انقسم القضاء إلى اتجاهين :
فذهب البعض إلى ان طريق الحجز لدى الغير هو الذي يجب اتباعه بدليل ان البنك هو الحاجز الفعلي للخزانة وهو الذي له الحيازة الفعلية على الشيء المحجوز وبخصوص التصريح بما في الذمة فيصرح البنك بان المدين يستأجر خزنة لديه أم لا وفي حالة الإيجاب يدلي برقم الخزنة .
وذهب البعض الأخر إلى القول بان طريق الحجز الذي يجب اتباعه هو الحجز التحفظي لكون العلاقة التي بين المدين والبنك تحكمها قواعد عقد الكراء البنك يكري جزءا من بنائه وهو الفراغ المشغول بالخزنة تم ان محل الحجز ليس هو الخزانة نفسها فهي مملوكة للبنك ولكن محل الحجز هو ماتحتويه الخزانة نفسها تم ان البنك باعتباره غيرا محجوزا لديه ملزم بالتصريح في حين انه لا يعلم ما يوجد بالخزنة ولا يملك سلطات خاصة ومستقلة على هذه الأموال بل العميل هو من يحتفظ بتلك السلطات .

الحجز بين يدي النفس
لم ينظم المشرع المغربي هذه المسالة بنص خاص واغلب الفقهاء الذين تناولوا هذا الاشكال قالوا بجواز الحجز تحت يد النفس فالدائن يمكنه ان يباشر الحجز بين يديه ان كان مدينا ودائنا في ان واحد وصفة الدائن الحاجز والغير المحجوز لديه تجتمعان في هذه الحالة في يد شخص واحد .

الحجز على أموال فاقدي الأهلية تحت يد ممثله القانوني الولي / الوصي / المقدم
هناك رأيان في هذه الحالة :
رأي يرى ان هؤلاء ) الولي الوصي المقدم ( لا يعتبرون غيرا بالنسبة لفاقد الأهلية وشخصية المحجوز عليه لا تظهر الأمن خلال نائبه وممثله القانوني الذي نص القانون على ضرورة تمثيله لعدم اكتمال شخصيته الحقوقية فهؤلاء مجرد ممثلين لناقصي الأهلية وليست لهم حيازة مستقلة على أموال المحجوز عليه مما يعني انه يجب سلوك مسطرة الحجز التنفيذي او التحفظي .
ورأي أخر يذهب إلى ان عناصر الذمة المالية الخاصة بالمدين ناقص الأهلية والتي توجد بين يدي هؤلاء يتم حجزها بطريق الحجز لدى الغير فهؤلاء يعتبرون أغيارا وهم مستقلون بالحيازة ولا يتبعون المدين فالعلاقة بينهم لا تعتبر علاقة تابع بمتبوع .

الحجز على الأموال التي بين يدي المحامي
سبب الجدل يرجع إلى ارتباط هذه المسالة بالسر المهني الذي يلتزم به المحامي فالقانون البلجيكي مثلا منع إجراء الحجز بين يدي المحامي على أموال موكليه في حين أجاز القانون الفرنسي ذلك .

اما القضاء المغربي فهناك تارجح بين تصورين :
فتقبل في بعض الحالات لان المشرع لم يمنع بنص صريح إيقاعه بين يدي المحامي ومن تم تبقى المسالة جائزة ولو تم التسليم بان لها علاقة بالسر المهني فالابناك أولى والباب سيفتح أمام العديد من المدينين لتهريب أموالهم تم ان المحاميمستقل تجاه موكله ولا تربطه به علاقة تبعية .
وترفض لان من شروط إيقاع الحجز ان يكون المحجوز لديه مدينا للمحجوز عليه بالمبلغ المالي المطالب بحجزه بين يديه
* لقد حدد المشرع المغربي على سبيل الحصر في الفصل 488 من ق . م . م . المبالغ التي لا تقبل بصفة عامة الحجز والتحويل وفي حالة تعلق الأمر بمسطرة تنفيذية أي توفر الحاجز على سند تنفيذي انتهائي فلا يمكن إعفاء أي مؤسسة مهما كانت درجة ملاءتها بما فيها الدولة من تنفيذ الأحكام الانتهائية الحائزة لقوة الشيء المقضي به احتراما لمبدأالشرعية الذي يجب على الجميع الامتثال له

أضف تعليق

Filed under القانون المدني, القانون المغربي, المسطرة المدنية, التنظيم القضائي, تعاريف قانونية

تعرف على مفهوم دعوى الإلغاء وخصائصها _ النزاعات الإدارية

مفهوم دعوى الإلغاء وخصائصها

تعرف على مفهوم دعوى الإلغاء وخصائصها _ النزاعات الإدارية
تعرف على مفهوم دعوى الإلغاء وخصائصها _ النزاعات الإدارية

أولا: مفهوم دعوى الإلغاء
إن أول إشكالية تصادفنا هو تحديد مفهوم كلمة الشطط أو التجاوز، فإذا نحن رجعنا إلى قاموس لغوي سنجد أن الشطط مرادف للتجاوز، لذلك نلاحظ أن المشرع المغربي قبل صدور قانون المحاكم الإدارية كان يسميها بدعوى الإلغاء بسبب الشطط في استعمال السلطة ، أما بعد صدور هذا القانون فإنه استعمل مصطلح دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة.

فاصطلاح التجاوز في استعمال السلطة هو مرادف بعدم الشرعية، لأن القاضي لا يلغي القرار إلا إذا كان غير شرعي، فدعوى التجاوز في استعمال السلطة هي الوسيلة القضائية التي تمكن القاضي لمراقبة عمل الإدارة قصد إلغاء قراراتها بعدم الشرعية.

فهنا يجدر بنا أولا تعريف دعوى الإلغاء التي استقر الفقه والقضاء على تعريفها، بأنها دعوى قضائية يرفعها أحد الأفراد أو إحدى الهيآت للقضاء الإداري للمطالبة بإلغاء أو إعدام قرار إداري صدر مخالفا للقانون فدعوى الإلغاء باعتبارها دعوى مشروعية يكون موضوعها دائما قرارا إداريا يفصل القاضي في مدى مشروعية أيا كانت السلطة التي أصدرت، ويمكن القول بأن دعوى الإلغاء تعتبر بمثابة مخاصمة القرارا لإداري، ولا تخاصم فيها جهة الإدارة، بمعنى أن الطعن يوجه أصلا للقرار الإداري وليس للسلطة الإدارية التي أصدرت .

أما في القضاء الإداري الفرنسي، فدعوى الإلغاء هي دعوى قضائية ترفع إلى القضاء لإعدام قرار إداري صدر بخلاف ما يقضي به القانون، وتسمى أيضا دعوى تجاوز السلطة مثلها مثل المغرب . كما أنها تعد من أهم الوسائل حماية المشروعية وقد كان للقضاء الفرنسي الريادة في إنشاء دعوى الإلغاء وكان مجلس الدولة صاحب الولاية العامة بالنظر في الدعاوي الإدارية منذ 1872 وكانت تنظر في درجتين: تعرض الأولى أمام المحاكم الإدارية، والدرجة الثانية أمام مجلس الدولة بوصفه محكمة الاستئناف.

وقد ذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى أن دعوى الإلغاء ليست دعوى بين الأطراف، ولكنها دعوى موجهة لهذا القرار، وأنه إذا كان هناك مدع في إجراءات دعوى الإلغاء فإنه لا يوجد بالمعنى الدقيق للكلمة المدعى عليه.

ثانيــــا: خصائص دعوى الإلغاء
تعتبر دعوى الإلغاء بسبب التجاوز في استعمال السلطة من الدعاوي الحديثة العهد بالقياس إلى غيرها من الدعاوزي فهي تتميز بخصائص من بينها أنها من صنع المجلس الأعلى وذلك عير صدور ظهير 27 شتنبر 1957 الذي عمل على تنظيم الجهازالقضائي، وإصلاحه، وبهذا فقد أصبح المجلس الأعلى رأس جميع المحاكم الموجودة في المغرب، على اختلاف درجاتها وأنواعها وله مهمة مزدوجة، فهو من جهة يعتبر محكمة نقض في جميع القضايا حتى الإدارية، ومن جهة أخرى تعتبر غرفته الإدارية محكمة إلغاء بالنسبة للقرارات الصادرة عن السلطات، أما بفرنسا فدعوى الإلغاء من صنع مجلس الدولة الفرنسي.

تتميز دعوى الإلغاء أنها دعوى قضائية، أي أنها ترفع إلى الجهة القضائية ويبث فيها قضاة تابعون للسلطة القضائية فهي ليست تظلما إداريا، مثلها مثل فرنسا، لأنها وإن كانت تشترك مع الرقابة من حيث الهدف الذي يتمثل في مراقبة أعمال الإدارة من أجل ضمان حقوق الأفراد وحياتهم، إلا أنها تختلف في عدة نواحي .

من الخصوصيات التي تتمتع بها دعوى الإلغاء في التشريع المغربي كونها معفية من الرسوم القضائية إلا أنها غير معفية من المؤازرة بالمحامي على خلاف المشرع الفرنسي، الذي جعل هذه الدعوى أكثر شعبية والأكثر تنازلا بين الأفراد، فإعفءها من الرسوم ومن المؤازرة بالمحامي فدعوى الإلغاء هي من طبيعتها أهنها دعوى موضوعية عينية، وهذا ما ما أقرت إليه الغرفة الإدارية بأن دعووى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة ليست دعوى بين الخصوم، ولكنها دعوى ضد قرار السلطة الإدارية بقصد التوصل إلى إلغائه بأثر قبل الكافة، وهذا ما نراه في فرنسا بأن دعوى الإلغاء تقوم على مخاصمة القرار الإداري الغير المشروع، يتعين لقبولها أن يكون القرار قائما ومنتجا لأثره عند إقامة الدعوى، فهي إذا موجهة ضد القرار المطعون، كما أنها تتميز في أن الحكم فيها يتمتع بحجية قبل الكافة، فإذا تضمن الحكم بإلغاء القرار الإداري موضوع الدعوى فسنعتبر أن جميع التصرفات القانونية والإدارية التي تمت بموجبه ملغاة من تاريخ صدور تلك القرار مثله مثل القانون المغربي.

ومن الجدير بالذكر أن سلطة القاضي المغربي في دعوى الإلغاء يقتصر دوره فقط على التأكد من شرعية القرار المطعون فيه ومراقبته بحيث أن سلطته تقف عند الحكم بالإلغاء في مجال السلطة المقيدة للإدارة، فلا يمكن له أن يعقب على القرار أو يعدله أو يستبدله بغيره، لأنه لو وضع ذلك سيتحول إلى رئيس إداري له سلطة رئاسية على متخذ القرار، وهذا انتهاك لمبدأ فصل السلط .

أما في فرنسا فهي هنا مثل المغرب تنحصر في التحقق من صحة ومشروعية القرار الإداري ومدى موافقته للقانون، فإذا رفع أحد الأفراد إلى القضاء الإداري بطلب إلغاء قرار إداري فإن هذه الدعوى تخول القاضي فحص مشروعية القرار الإداري، فإذا تبين مخالفته للقانون حكم بإلغائه ولكن دون أن يمتد حكمه إلى أكثر من ذلك، فليس له تعديل القرار المطعون فيه أو استبداله بغيره، وعلى هذا الأساسا يكون قضاء الإلغاء على كس القضاء الشامل الذي يخول للقضاء السلطات الكاملة لحسم النزاع، فالقاضي لا يقتصر على إلغاء قرار غير مشروع وإنما يترتب على الوضع غير المشروع جميع نتائجه القانونية لأنه يتعلق بالحقوق الشخصية لرفع الدعوى فله أن يحكم بإلغاء القرار والتعويض عن الأضرار التي ألحقها بالمدعي،

ومن ذلك فإن المنازعات المتعلقة بقضاء التعويض عن أعمال الإدارة الضارة هذا بالإضافة أنها تنتمي إلى قضاء المشروعية أي أنها تعمل على حماية مبدأ المشروعية وهذا ما نراه في المغرب أن الهدف من هذه الدعوى هو إلغاء الحكم كليا أو جزئيا تبعلا للعيب الذي شابه والدفاع عن المصلحة العامة وحمايتها وإلغاء الحكم كليا أو جزئيا تبعا للعيب الذي شابه، وهذا كله في ظل احترام مبدأ الشرعية .

___

منقول بتصرف

 ليصلك جديد المقالات القانونية والمعرفية قم بالتسجيل في القائمة البريدية ادناه

أضف تعليق

Filed under القانون المغربي, القانون العام, المسطرة المدنية, التنظيم القضائي

تعرف على السياق التاريخي لدعوى الإلغاء في النزاعات الادارية

السياق التاريخي لدعوى الإلغاء في النزاعات الادارية
السياق التاريخي لدعوى الإلغاء في النزاعات الادارية
السياق التاريخي لدعوى الإلغاء



تختلف الدول في الطريقة التي تنظم بها الرقابة القضائية على أعمال الادارة, فمنها مايأخذ بالنظام القضائي الموحد, حيث لاوجود لقضاء إداري مستقل عن القضاء العادي , ومنها ما يأخذ بالنظام القضائي المزدوج, حيث توجد جهتان قضائيتان، إحداهما تختص بالنزاعات بين الأفراد وهي المحاكم العادية, والثانية تختص بالنظر في النزاعات الإدارية ممثلة بالمحاكم الإدارية.

وأساس النظام المزدوج في فرنسا التي ستعد مهد للقضاء الإداري يرجع إلى أساسين, أولهما سياسي دستوري حيث يرى مبتدعو هذا النظام بأنه تطبيق لمبدأ فصل السلطات الذي نادى به مونتسكيو,واعتنقه من بعده مشرعو الثورة الفرنسية, كما أنه ومن جهة أخرى يعتبر بمثابة رد فعل لسلطة المحاكم التي تعتدي على الإدارة وتعيق نشاطها .وثانيهما تاريخي,حيث عرف ا لفرنسيون قبل الثورة الفرنسية وجود سلطات الحكم في يد الملك حيث نظام الملكية المطلقة,ووجدت في هذه الفترة محاكم قضائية تدعى البرلمانات Parlements وهي ممثلة للملك في وظائفه القضائية,حيث كانت تمارس سيطرة رجعية على الإدارة وتتدخل في شؤونها وتعارض وتعرقل كل حركة إصلاحية ,مما حدى برجال لثورة الفرنسية إلى منع لامحاكم القضائية القائمة من الفصل في المنازعات الإدارية للحفاظ على استقلال الإدارة تجاه السلطة القضائية من خلال تبنيهم لمبدأ الفصل بين السلط .

وصدر قانون 16-24 غشت 1790 ملبيا لهذا الاتجاه حيث ألغى هذه المحاكم القضائية(البرلمانات) وإنشاء الإدارة القاضية(الوزير القاضي)كمرحلة أولى قبل إنشاء مجلس الدولة الفرنسي,ومنع القضاء العادي من النظر في المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها,وأصبحت الهيئات الإدارية هي صاحبة الاختصاص في الفصل في هذه المنازعات.

واستمرت مرحلة الإدارة القاضية إلى غاية 12 ديسمبر 1797 بنشوء مجلس الدولة في عهد نابليون بونابرت,حيث وضعت اللبنة الأولى للقضاء الإداري الفرنسي ,مع أن اختصاص المجلس كان أول الأمر استشاريا يتطلب تصديق القنصل.

وفي الوقت ذاته ثم إنشاء محاكم أو مجالس إقليمية Les conseils de Prefecture التي كانت تصدر أحكاما لا تحتاج إلى تصديق,إلا أن أحكامها تستأنف أمام مجلس الدولة الذي كانت أحكامه تعرض على القنصل.وبه فالمجلس لم يكن له سلطة القضاء وإصدار الأحكام فسمي بذلك بالقضاء المقيد Justice Retenue إلى غاية 1872 حيث أصبح قضاء مفوض حيث صدر قانون يمنح المجلس الاختصاص في البث نهائيا في المنازعات الإدارية دون تعقب جهة أخرى.

وبسبب تراكم العديد من القضايا أمام المجلس.حدد المشرع اختصاصه على سبيل الحصر بموجب المرسوم الصادر في 30 شتنبر 1953.وأصبحت المحاكم الإدارية التي كانت تسمى بالمجالس الإقليمية صاحبة الاختصاص العام في المنازعات الإدارية

ونجد على أنه في المغرب,وفي الفترة ماقبل الحماية قد عرف القانون الإداري الذي من خلاله نستشف وجود قضاء إداري من خلال ولاية المظالم التي كانت من المهام التي يضطلع بها السلطان بصفته القاضي الأسمى.إلا أن هذا لايعني الحديث عن دعوى الإلغاء بسبب تجاوز السلطة ,بسبب عدم وجود استقلال للسلط أو على الأقل لعدم استمرار ولاية المظالم في أداء مهامها مدة كافية لتطويرها إلى يصل القضاء الإداري بمعناه الحديث .بالإضافة أنه وفي عهد الحماية لم تعرف دعوى الإلغاء ذلك بأن الفصل الثامن من ظهير 12 غشت 1913 كان يمنع على المحاكم أن تعرقل أعمال الإدارة أو تلغي قراراتها .

وجاء حال المغرب تباعا للسياق الذي كانت تعرفه فرنسا ومنه لم يصبح من حق المغاربة طلب الالغاء امام القضاء الا بعد احداث المجلس الاعلى بظهير 27 شتنبر 1957 و الذي له مهمة مزدوجة.

وفي الاصلاح القضائي لسنة 1974 الذي استند الى مبدا اساسي يمكن تقريب القضاء من المتقاضين ثم تسهيل مسطرة التقاضي في مجال دعوى الالغاء،فجعل الطعن الاداري الذي يسبق الطعن القضائي اختياريا بعدما كان في المسطرة السابقة اجباريا.

و تم احدات المحاكم الادارية التي شرعت في العمل في 4 مارس 1994 التي اصبحت تبت في كل من القضاء الشامل و قضاء الالغاء بمقتضى قانون 90-41 و استمر الحال الى غاية 14 فبراير 2006 باحدات محاكم الاستئناف الادارية بموجب قانون 80.03 لتحل محل الغرفة الادارية بالمجلس وبموجب احداث هذه المحاكم الاستئناف الادارية المختصة في استئناف احكام الاعلى التي مارست اختصاصات هاته المحاكم استثناء منذ تاسيس المحاكم الادارية سنة 1993.
المحاكم الادارية و اوامر رؤسائها و تكون القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف الادارية قابلة للطعن بالنقض امام المجلس الاعلى ماعدا القرارات الصادرة في المنازعات الانتخابية و كذا في تقدير شرعية القرارات الادارية.

ودعوى الإلغاء في التجاوز لاستعمال السلطة تمثل ضمانة أساسية لتحقيق المشروعية حماية لحقوق الأفراد و حرياتهم لما يتوفر عليه القاضي من ضمانات الحياد و الاستقلال وتعتبر دعوى الإلغاء رقابة فعالة من خلال ما يتضمنه أحكام القضاء بحجية الشئ المقضي به بالحسم في النزاع بصفة نهائية و بسبب ما تتمتع به السلطة الإدارية في الوقت الراهن من القدرة على التنفيذ الجبري بالإضافة إلى الامتيازات و السلطات التقديرية و الاستثنائية المعترف بها للإدارة كانت الحاجة للامان بالرقابة القضائية و التعمق والوعي بها لضمان الحقوق والحريات.



منقول بتصرف

ليصلك جديد المقالات القانونية والمعرفية قم بالتسجيل في القائمة البريدية ادناه

أضف تعليق

Filed under القانون المغربي, القانون العام, المسطرة المدنية, التنظيم القضائي

كيف تعلق على حكم أو قرار قضائي

 

كيف تعلق على حكم أو قرار قضائي

 

إن أول ما يواجه الطالب الذي انكب على دراسة القانون هو الإشكاليات المتعلقة بحركية النصوص القانونية في الواقع ، ذلك أن تلك الحركية يمكن أن تتجسد في شكل قضايا و نوازل تعرض على المهتمين بالشأن القاوني لإبداء رأيهم فيها على شكل استش ارات قانونية أو تعرض على المحاكم قصد الحصول على أحكام قضائية فاصلة فيها.

 

كيف تعلق على حكم أو قرار قضائي
و من الأمور التي ينبغي على طالب القانون الاهتمام بها الأحكام و القرارات القضائية الصادرة عن المحاكم في النوازل و القضايا المعروضة عليها للبت فيها.
ذلك أن تلك الأحكام و القرارت تعتبر بمثابة التطبيق العملي للنص القانون الذي يكتفي طالب القانون بدراسته نظريا بمدرجات الكلية.

و عليه ، فإذا طلب من الطالب التعليق على القرار أو الحكم القضائي فما هي الخطوات التي ينبغي له التقيد بها؟

 

إن المنهجية الأكاديمية للتعليق على الأحكام و القرارات القضائية تقتضي المرور عبرمجموعة من المراحل يمكن إيجازها في الآتي :

 

أولا : الإحاطة بموضوع النازلة .
ثانيا : تلخيص الوقائع .
ثالثا : دراسة وجهة نظر المحكمة في القضية و إبراز النقاط التي ارتكزت عليها للفصل في الموضوع .
رابعا : إعطاء تقييم لما وصلت إليه المحكمة في حكمها .

 

و فيما يلي التفصيل في ذلك .

 

أولا : الإحاطة بموضوع النازلة .

إن أول خطوة يجب أن يسلكها الطالب المقبل على التعليق على حكم قضائي أو قرار قضائي هي أن يعرف و بتفصيل الوقائع المادية التي تشكل جوهر النزاع بين الأطراف و التي لم تكن محل تفاهم بينهم ، الشيء الذي يجعلهم يرفعون النزاع أمام المحكمة للفصل فيه .

و للوقوف على تلك الوقائع يجب أن يكون الطالب حذرا و هو يتمعن الأحداث المكونة للقضية، ذلك أن أي إغفال لأي عنصر من شأنه أن يعطي للنزاع مسار آخر – و هو ما يفسر في القانون بتحريف الوقائع، و الذي يعتبر سببا من أسباب الطعن في الأحكام و القرارات القضائية .

و الطالب و هو بصدد دراسة الوقائع يجب عليه أن يستنبط المفاهيم الأساسية التي تؤطر النزاع موضوع الحكم و أن يعطي لها تعريفها الخاص بها سواء من الناحية القانونية النظرية أو إن كان ملما من ناحية العمل القضائي كذلك – كما هو الأمر مثلا بالنسبة لمفهوم المشاركة في القانون الجنائي التي تستخدم في العمل القضائي في محل مفهوم المساهمة .

و بذلك يكون الطالب بحسب تمكنه من المبادئ الأساسية التي تلقاها بالكلية و مدى إدراكه لجوهرها ،وكيفية استعمالها، قادرا على الإحاطة من الناحية القانونية بالوقائع المكونة للنوازل و القضايا موضوع التعليق، و هو الأمر الذي يسهل عليه المرور للخطوة التالية .

 

ثانيا : تلخيص الوقائع .

إن الخطوة الأولى متى كانت متقونة على الوجه السليم، سوف تكون بمثابة الجزء الأكبر من المرحلة الثانية في التعليق على الحكم أو القرارا القضائي .

ذلك أن هضم البنية العامة للوقائع – أن صح التعبير – يعتبر المفتاح الأساسي لإعادة صياغة تلك الوقائع بالأسلوب الخاص للطالب – هنا تجدر الإشارة إلى أن المراقب لذلك التعليق يعرف من خلال هذه الخطوة الثانية مدى تمكن الطالب من فهم الوقائع على النحو السليم أم لا – صياغة غير مخلة بالمعنى ،و لا مفرطة في الأركان الأساسية المكونة للنزاع.

ويلعب الأسلوب والمصطلحات ومدى تمكن الطالب من المفاهيم الأساسية للقانون أدوارا مهمة في إعادة صياغة الوقائع ، لأن تلك الصياغة هي التي ستؤدى لا محالة إلى إيجاد تصور أو إطار عام لحل ذلك النزاع. و هذا التصور هو ما سوف يوجه الطالب و هو بصدد دراسة موقف المحكمة من النزاع المعروض عليها، و لذلك فإنه كما تبين أن الخطوة الأولى تشكل العمود الفقري للخطوة الثانية ، فإن هذه الأخير هي بدورها تلعب دورا حاسما في فهم رأي المحكمة ،و هو ما يجب أن نشير إليه في الآتي.

 

ثالثا : دراسة وجهة نظر المحكمة في القضية و إبراز النقاط التي ارتكزت عليها للفصل في الموضوع .

إن درجة اليقظة و التنبه التي يجب أن تتوفر في الطالب و هو بصدد فهم الوقائع و إعادة صياغتها، يتعين أن تضاعف و هو بصدد دراسة موقف المحكمة من القضية المعروضة عليها .

إن المحكمة و هي تبت في القضايا المعرروضة عليها تأخذ – لا محالة – بمجموعة من الأمور قد لا يشار إليها في الحكم أو القرار موضوع التعليق ، كما أنها قد تأخذ بالاتجاه العام للعمل القضائي في شأن نقطة قانونية معينة – كما هو الأمر مثلا بالنسبة للطرق التي تستفاد منها نهائية الأحكام الأجنبية المراد تذييلها بالصيغة التنفيذية هنا بالمغرب,

فهذه الأمور التي تكون غالبا غائبة عن ذهن الطالب و هو بصدد التعليق قد تعطي لذلك التعليق بعدا آخر إما أن ينحو نحو تكوين الرأي السليم أو تكوين رأي خاطئ عن الوجهة التي خلصت إليها المحكمة .

و عليه فعلى الطالب أن يقف مليا أمام النقاط التي يرى أنها غامضة و ذلك بطرح جميع الجوانب التي يمكن أن تكون قد أثيرت أمام المحكمة ،و لم تذكر بالقرار أو الحكم القضائي – هنا تجدر الإشارة إلى أن هناك فرقا جوهريا بين أن تدلي برأيك أو تفصل في نزاع معروض عليك و أن تعلق على حل خلص إليه الغير في نزاع عرض عليه ، ذلك أنه في الحالة الأولى يتعين فقط التقيد بما هو معروص دون زيادة أو ن قصان و إعطاء الحل القانوني المناسب عبى ضوء الوقائع المعروضة فقط ، أما في الحالة الثانية فيمكن للمعلق أن يتوسع في التحليل و التعليق بطرح الاحتمالات التي تكون قد ساهمت في الوصول للحل المعطى للوقائع و النوازل .

و بالتمكن من تلك الخطوات و تلك الآليات العقلية، يمكن أن ننتظر من الطالب تعليقا مميزا عن الحكم أو القرار الذي هو موضوع التعليق. فمتى يظهر هذا التميز؟

يظهر بطبيعة الحال في الخطوة الرابعة و الأخيرة .

 

رابعا : تقييم الحل القضائي.

التقييم إبداء لوجهة النظر في الشيء المعروض عليك، و من تم فإن الهدف الأساسي من التعليق هو إبداء وجهة نظرك الأخيرة على ضوء الخطوات التي سلكتها منذ الأول،و عليه، فإن تقييمك للحل القضائي للنزاع سوف يكون بالضرورة بين المؤيد و المعارص لذلك الحل أو أن تؤيده في جزء و تنتقده في جزء آخر، و هذا يتوقف على درجة انتباهك و تمكنك من الوسائل القانونية المفيدة في ذلك.

و عليه ، فليس من الواجب أن يكون نظرالطالب مسايرا لما خلصت إليه المحكمة أو معارضا لذلك، و لكن المفروض علي الطالب و هو بصدد تقييم الحل القضائي أن يكون رأيه مؤسسا ومنطقيا، مستغلا في ذلك جميع معارفه القان ونية والعلمية و المنطقية التي يجب أن تجعل من الموقف الذي أخذه من الحل القضائي يشكل كتلة منسجمة من الناحية القانونية مع الأسس المعتمدة.

إذا تمكن الطالب مما ذكر كان تعليقه أكثر انسجاما و أكثر وضوحا، و أكثرتميزا.و

بالتوفيق للجميع.

 

في انتظار تعليقاتكم و إضافاتكم .

أضف تعليق

Filed under القانون المغربي, المحاماة, المسطرة المدنية, المسطرة الجنائية, الاجتهاد القضائي, البحث العلمي ومناهجه, التنظيم القضائي, تعليق على حكم قرار قضائي, تعاريف قانونية

نظريات حول الاعتقال الاحتياطي

نظريات حول الاعتقال الاحتياطي

 

 

 

 

 

 

 

بقلم الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بالبيضاء

الدكتور عبد العزيز الفيلالي

 

– أساس الاعتقال الاحتياطي :

هل يمكن ابقاء شخص متهم بارتكاب جريمة ما رهن الاعتقال الاحتياطي مدة طويلة ما لم يصرح نهائيا بادانته من طرف هيئة المحكمة

ان لجواب بالنفي عن هذا السؤال يقرر مبدا ” البراءة هي الاصل”.

وإذا تم تطبيق هذا المبدا حرفيا فان ذلك يعني ان كل شخص ولو كان ذا سوابق عدلية – اتهم بارتكاب جريمة ( جناية او جنحة او مخالفة ) كيفما كانت خطورتها يعتبر بريئا طوال مدة التحقيق وبالتالي يحق له التمتع بحريته ما دام لم يصدر في حقه حكم نهائي.

غير انه من الممكن ان تمر عدة شهور ان لم تكن عدة سنوات ما بين تاريخ اقتراف الجريمة وتاريخ صدور حكم نهائي فيها للكشف عن الحقيقة واستجلائها.

ولا ينبغي حرمان الشخص المشبوه فيه من حريته خلال الفترة الزمنية التي يعمد فيها لاقامة الحجج على إدانته، وفي هذه الحالة سنساعد المجرمين على ابادة الادلة والاستمرار في نشاطهم الاجرامي.

ولذلك يجب اعطاء هيئات الزجر وسائل الاكراه ضد الشخص المشبوه فيه متى كانت هذه الوسائل الزجرية لازمة لتمكين القاضي من القيام باجراءات التحقيق.

 

وفي بعض الحالات يكون من اللازم التمكن من شخص المشبوه فيه ولو قبل محاكمته، فالإمكانية الممنوحة للقاضي لاعتقاله طيلة مدة التحقيق وحتى في حالة انتهائها الى غاية الحكم النهائي تقرر مبدا الاعتقال الاحتياطي.

 

1- محاسن ومساوئ الاعتقال الاحتياطي

 

أ‌- المحاسن وهي كثيرة منها :
1- وضع المتهم في حالة تمعنه من الاستمرار في نشاطه الاجرامي.
2- منعه من الفرار او التملص من اجراءات البحث والتحقيق.
3- منعه من محو الأدلة وإخفاء معالمها او القيام بوسائل احتيالية او التاثير على الشهود.
4- مساعدته في تطبيق عقوبات فعالة على المجرمين الخطيرين او ذوي المهارة منهم.

فالقاضي بالتجربة يحس من أول اتصال بالمتهم ما اذا كان في الحقيقة مذنبا او بريئا.
فالأسلوب الذي يتكلم به المتهم ونبرة صوته واشارته في الحالات العصبية كل ذلك يكون بالنسبة للقاضي النبيه تعبيرا غنيا بالدلالات والمعاني.

ونجد – حسب الإحصائيات المستند اليها في هذه المادة – ان عدد المعتقلين احتياطيا والذين هم حقا أبرياء قليل جدا وان 90 في المائة على الاقل من المتهمين هم في الحقيقة مذنبون.

5- مساهمته في المحافظة على النظام العام الذي تخل به الجريمة المقترفة.
6- حماية المتهم من ردود فعل انتقام الضحية او الجمهور.

وينبغي الاشارة هنا الى ان القاضي في الاحتماليين الاخيرين يتصرف في الواقع تصرف الشرطة الإدارية مخترقا بذلك حدود السلطة التنفيذية الشيء الذي يتنافى مع مبدا فصل السلطات.

 

ب‌- المساوئ وهي كثيرة أيضا :
1- مس خطير بالحرية الشخصية، حيث يفقد المتهم حريته ويحرم من ممارسة حقوقه العامة في الذهاب والإياب والتجمع والتظاهر والتعبير وما الى ذلك.
2- اقامة الشكوك حول شخصية المتهم لان الاغلبية العامة من الناس لا تفرق بين المتهم المحكوم عليه بالحبس بصفة نهائية وبين المعتقل بصفة احتياطية، فكل شخص يوجد بالسجن هو عنصر خطير ينبغي اجتنابه.
3- يلقى بالمتهم المعتقل وسط عالم خشن ذي اخلاق منحرفة يعاني فيه من القساوة وظروف الحياة الصعبة ما ينشا عنه غالبا انهيار الشخصية.
4- يتحمل باعتقاله ما يوازي العقوبة والحالة انه لم يحاكم بعد.

 

فقاضي الموضوع هو ذو ميول تجاري قاضي التحقيق في تصريحه بعقوبات تعادل على الاقل فترة الاعتقال الاحتياطي، ولا يوافق على منح السجن المؤجل اذا كانت مدة الاعتقال الاحتياطي طويلة.

 

2- موقف المشرع المغربي

ان المبدا القائل بان البراءة هي الاصل غير منصوص عليه بصفة صريحة في قانون المسطرة الجنائية، الا انه يساند مقتضياتها الرئيسية.

 

فالقاعدة التي تنص على ان اقامة الحجة في المادة الجنائية تقع على كاهل النيابة العامة او على الطرف المطالب بالحق المدني عندما يكون هو الذي تولى تحريك الدعوى العمومية وكذا الاعتقال الاحتياطي المقنن يأخذان مصدرهما من المبدا القائل بان البراءة هي الاصل.

 

والمشرع المغربي حرصا منه على حماية الابرياء وأخذا بمبدأ الواقعية والمصلحة العامة قد أخضع الاعتقال الاحتياطي الى تنظيم دقيق كي لا ينقلب الى تسعف وشطط وحتى يبقى المعتقل بصفة احتياطية محميا الى أقصى حد.

 

ولا يمكن تبرير الاعتقال الاحتياطي – حسب توجيهات المشرع المغربي – الا بالضرورة الملحة للبحث والكشف عن الحقيقية او في الحالة التي يساعد فيها على استقرار النظام العام او على حماية مرتكب الجريمة من اخطار انتقام الضحية او الجمهور.

فالفصل 152 الى 165 من قانون المسطرة الجنائية يوضح بدقة ان الاعتقال الاحتياطي هو تدبير استثنائي يوجب من حيث المبدأ إبقاء المتهم في حالة السراح المؤقت.

ولا يحق للقاضي الاكتفاء باستعمال الحيثيات الشكلية المألوفة لتعليل قراره اذ ان الحيثيات المعبر عنها هكذا: ” حيث ان اعتقال المتهم ضروري للكشف عن الحقيقة” او “حيث النظام العام يستوجب ابقاء المتهم رهن الاعتقال” هي غير كافية.
فالقاضي ملزم بتعليل قراره بكيفية دقيقة تبين السبب القاطع المبرر للاعتقال الاحتياطي.

 

1- مدة الاعتقال الاحتياطي

تتغير هذه المدة حسب خطورة الجريمة والسوابق القضائية للمتهم.

 

أ‌- الاعتقال الاحتياطي في مرحلة التحقيق :
1- إذا كانت العقوبة القصوى في القضايا الجنحية تقل عن سنتين حبسا فان المتهم المستوطن بالمغرب لا يمكن ان يعتقل اكثر من شهر واحد بعد استنطاقه الاول ( الفصل 153 من ق م ج ).
2- اذا كانت العقوبة القصوى في القضايا الجنحية تساوي سنتين حبسا او اكثر وفي الجنايات، فان الاعتقال الاحتياطي لا يمكن ان يتعدى مبدئيا اربعة اشهر، وبعد مرور هذا الاجل فان على القاضي ان يتساءل هل من الواجب الاحتفاظ بالمتهم داخل السجن، ففي حالة الايجاب يعمل على توجيه الملف الى النيابة لتقديم ملتمساتها التي يجب ان تكون معللة.
ويجوز للقاضي ايضا ان يصدر أمرا قضائيا معللا يامر فيه بتمديد فترة الاعتقال الاحتياطي لمدة اربعة اشهر اخرى، وعند انتهائها يجدد الإجراءات السابق ذكرها ويفرج عن المتهم مؤقتا اذا لم يصدر أي أمر عند نهاية هذا الاجل ( فصل 154 ق م ج).

1- المتهم المتابع من اجل جنحة معاقب عليها بالحبس والمودع في السجن من طرف النيابة العامة يجب عرضه على المحكمة داخل ثلاثة ايام على الاكثر (76 و395 ق م ج ) وتستدعي المحكمة خصيصا ان اقتضى الحال ذلك وإذا انصرم الاجل يفرج مؤقتا عن المتهم تلقائيا.
2- المتهم المتابع من اجل التلبس بالجناية غير المعاقب عليها بالاعدام او السجن المؤبد والمودع رهن الاعتقال من طرف النيابة العامة يجب إحالته على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف ضمن الشروط المحددة في الفصلين الثاني والرابع عشر من ظهير رقم 1.74.448.

وينبغي الاشارة هنا الى ان مدة الاعتقال الاحتياطي في هذه الحالة غير محددة ومن المستحسن ان يطلب الوكلاء العامون للملك من نوابهم عرض المتهمين المعتقلين على غرفة الجنايات في اقرب الاجال لتفادي الاعتقالات التعسفية.

 

أ‌- الاعتقال خلال مرحلة المحاكمة :
يمكن بعد الاحالة على هيئة المحكمة ان تطول مدة الاعتقال الاحتياطي حتى يفصل في الموضوع وليس من اللازم في هذه الحالة إصدار قرار قضائي بتمديدها مهما طالت المدة التي مضت على الاحالة، ولكن من اللازم اصدار قرار قضائي بالإفراج المؤقت يضع حدا لهذا الاعتقال الاحتياطي.

 

3- وضعية المعتقل بصفة احتياطية :

ان وضعية المعتقلين الاحتياطيين اخف من وضعية المحكوم عليهم نهائيا، وذلك ان المعتقل بصفة احتياطية يجب مبدئيا وضعه داخل جناح خاص لا يختلط بالمحكوم عليهم ولا يلزم بالعمل ولا بارتداء لباس السجن غير انه يسمح له باستقبال الزوار بقاعة الاتصال وبالتراسل بحرية مع محاميه، وان الإذن بالاتصال الممنوح للمحامين تكون له صفة استمرارية.

ويجوز لقاضي التحقيق تشديد حالة الاعتقال الاحتياطي بإصدار قرار يمنع الزوار من الاتصال بالمتهم الذي لا يمكنه وقتئذ ان يتصل الا بمحاميه، وقد يستمر هذا المنع مدة عشرة أيام تجدد مرة واحدة فقط (129 ق م ج).

ويمكن للمعتقل بصفة احتياطية ان يكاتب – حسب اختياره جميع الاشخاص وان يتسلم الرسائل منهم ما لم يصدر أمر مخالف لذلك الا ان هذه المراسلة تخضع للمراقبة اذا رغب قاضي التحقيق في الاطلاع عليها باستثناء المراسلة المتبادلة بين المتهم ومحاميه فانها لا تخضع للمراقبة.

 

4- ضرورة تحديد السلطة التقديرية للقاضي :

قد صدرت عدة اعتقالات احتياطية ضد بعض الاشخاص ارتكبوا جنحة بسيطة وفي حالات اخرى استمروا في الاعتقال رغم انتهاء مدة البحث ورغم ان إبقاءهم رهن الاعتقال لم يعد لازما لاظهار الحقيقة.

 

ومن المستحسن تفاديا للوقوع في مثل هذه لإساءة في الاستعمال ان يحدد المشرع المغربي المدة القصوى للاعتقال الاحتياطي بالنسبة لخطورة الجريمة وان يوضح بكيفية دقيقة الحالات التي تستوجب الاعتقال الاحتياطي لتقيد حرية التقدير الكاملة الممنوحة للقاضي.

وانه لمن المستحسن ايضا ان يسير المشرع المغربي – أسوة بالمشرع الفرنسي – تعويضا للذين اعتقلوا احتياطيا بصفة مخالفة للقواعد الرئيسية تتحمله الدولة في حالة عدم وجود أي خطا ينسب لاعوانها.

 

الدكتور عبد العزيز الفيلالي .

* مجلة المحاكم المغربية، عدد 12، ص 5

أضف تعليق

Filed under مصطلحات قانونية, القانون المغربي, المحاماة, المسطرة المدنية, المسطرة الجنائية, الاجتهاد القضائي, التنظيم القضائي, تعاريف قانونية, حقوق الإنسان

التنفيذ المعجل القانوني في المادة الأسرية في التشريع المغربي

 

التنفيذ المعجل القانوني في المادة الأسرية
التنفيذ المعجل القانوني في المادة الأسرية 


القاعدة المعمول بها في التشريع المغربي هي أن الأحكام الغير الحائزة لقوة الأمر المقضي به ليست لها قوة تنفيذية، فما دام الحكم قابلا للطعن فيه بالتعرض أو بالاستئناف فإن قوته التنفيذية تبقى معطلة حتى يحوز قوة الأمر المقضي به، إلا أنه استثناء من هذا القاعدة ونظرا إلى أن تأخير تنفيذ الحكم حتى يحوز قوة الأمر المقضي به قد يضر في بعض الحالات بمصلحة المحكوم له ضررا بليغا، أجاز المشرع تنفيذ الحكم رغم عدم حيازته لقوة الأمر المقضي به وهو ما يسمى بالنفاذ المعجل، والحكم الذي ينفذ تنفيذا معجلا فإنه يضفي حماية مؤقتة للمحكوم له إلى أن يفصل فيه الاستئناف المرفوع ضده، فإذا تأيد حكم المحكمة أصبح التنفيذ الذي تم ثابتا، أما إذا ألغي الحكم ألغي ما تم تنفيذه وأعيدت الحالة إلى ما كانت عليه، وينقسم هذا التنفيذ إلى قسمين رئيسين هما تنفيذ معجل بقوة القانون وتنفيذ معجل بحكم القضاء

12834_0[1]
والتنفيذ المعجل بقوة القانون لا يقصد بهذه التسمية أن هذه الحالة نص عليها القانون فكل حالات التنفيذ المعجل نص عليها القانون، وإنما يقصد بذلك أن الحكم في هذه الحالات يستمد قوته التنفيذية من نص القانون مباشرة دون تدخل من القاضي، وينبني على ذلك أنه لا حاجة للمحكوم له أن يطلب من المحكمة شمول الحكم بالنفاذ المعجل

انطلاقا من هذا التعريف يتضح أن التنفيذ المعجل بقوة القانون يتميز بمجموعة من المميزات حيث أنه نفاذ لا يحتاج إلى أن يطلبه المحكوم له أو تصرح به المحكمة، كما أنه لا يحكم بكفالة مالم يوجد نص خاص (الفصل147 من ق.م.م)، والكفالة هي الضمان في حالة إلغاء الحكم الذي كان سندا له، ويأخذ القانون المغربي بالكفالة العينية لذا فإن اشتراطها في النفاذ المعجل بقوة القانون يعوق تحقيق الحماية المرجوة منه، ولا يوجد نص خاص وارد بالنسبة لجميع حالات النفاذ المعجل للإعفاء منها أو إقرارها لذا لابد من اللجوء إلى مفهوم المخالفة لاستنتاج هذا الإعفاء من بعض النـصوص وأبرزها الفصـل 153 من ق.م.م، وكذلك الفقــرة الأخيـرة من الفــصل 147 من ق.م.م، ويتميز التنفيذ المعجل بقوة القانون بعدم جواز إيقافه على الإطلاق، وهو ما يستنتج من الفقرة الأخيرة من الفصل 147 من ق.م.م، إلا أن هذا المنع البات بالنسبة للإيقاف إنما يسري في حق النفاذ المعجل القانوني متى كان واردا على وجه صحيح فلو أن الأمر كان مجرد خطأ في الحكم كما لو وصف بأنه استعجالي وهو غير كذلك، فليس هناك ما يمنع محكمة الطعن أن تصحح وتأمر بإيقاف التنفيذ تبعا لذلك,

ومن بين الحالات المتمتعة بالنفاد المعجل بقوة القانون نجد الأحكام المتعلقة بمادة النفقة حسب الفصل 179 مكرر من ق.م.م حيث جاء فيه:” يبت في طلبات النفقة باستعجال وتنفذ الأوامر والأحكام في هذه القضايا رغم كل طعن، ريثما يصدر الحكم في موضوع دعوى النفقة للقاضي أن يحكم بنفقة مؤقتة لمستحقيها في ظرف شهر من تاريخ طلبها مع اعتبار صحة الطلب والحجج التي يمكن الاعتماد عليها، وينفذ هذا الحكم قبل التسجيل وبمجرد الإدلاء بنسخة منه”

وبالتالي فإن دعوى النفقة سواء نفقة الزوجة أو الأصول أو الفروع يبت فيها بشكل استعجالي وينفذ الحكم الصادر فيها تنفيذا معجلا،وهو ما ذهبت إليه الأحكام التالية حيث جاء في حكم صادر عن ابتدائية فاس” بناء على المقال الافتتاحي الذي تقدمت به المدعية بواسطة دفاعها إلى كتابة ضبط المحكمة تعرض فيه أنها زوجة للمدعى عليه وأنه طردها من بيت الزوجية وتركها عرضة للضياع والإهمال ملتمسة الحكم على المدعى عليه بأدائه لفائدتها نفقتها بحسب 2000 شهريا… وحيث أن النفاذ المعجل يكون بقوة القانون في مادة النفقة… حكمت المحكمة في الموضوع على المدعى عليه بأدائه لفائدة المدعية نفقتها بحساب 600 درهم شهريا… مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل…”، وفي حكم آخر صادر عن ابتدائية الناظور” بناء على المقال الافتتاحي للدعوى المقدم من طرف المدعية بواسطة دفاعها لدى كتابة الضبط… الذي تعرض فيه أن المدعى عليه زوجها منذ أن أبرم عقد الزواج لم يبادر إلى الدخول بها وأنها تضررت من هذا الوضع ملتمسة إلزامه بالدخول بها والإنفاق عليها حسب 1500 درهما شهريا… وحيث إن دعاوى النفقة مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون… حكمت المحكمة في الموضوع بإلزام المدعى عليه بالدخول بزوجته وفق عرف المنطقة وبأدائه لها نفقتها في مبلغ 600 درهم شهريا… مع شمول النفقة بالنفاذ المعجل…”، وفي حكم صادر عن ابتدائية وجدة جاء فيه:” بناء على المقال الافتتاحي للدعوى المقدم من طرف الجهة لدى كتابة ضبط هذه المحكمة والذي تلتمس فيه المدعية الحكم على المدعى عليه بأدائه لها نفقتها ونفقة ابنها بحسب 1000 درهم شهريا لكل واحد منهما وبإفرادها بسكن خاص بها…وحيث أن الأحكام القاضية بالنفقة تكون مشمولة بالنفاذ المعجل بقوة القانون… حكمت المحكمة في الموضوع بأداء المدعى عليه للمدعية نفقتها ونفقة ابنها حسب مبلغ 500 درهم شهريا لكل واحد منهما… مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل….”

وبالرجوع لنصوص مدونة الأسرة نجدها تؤكد الطابع الاستعجالي لقضايا الأسرة حيث جاء في المادة 190 من م.أ في فقرتها الثانية:” يتعين البت في القضايا المتعلقة بالنفقة في أجل أقصاه شهر واحد”. وعليه نلاحظ أن كل من الفصل 179 من ق.م.م والمادة 190 من م.أ نصت على هذا القيد الزمني وهو أجل شهر، إلا أن اتجاها يرى أن ما قصده المشرع في الفصل 190 من م.أ ليس هو الشيء نفسه الذي قصده في الفصل 179 من ق.م.م، حيث أن المادة 190 من م.أ عندما حددت أجل شهر للبت في القضايا المتعلقة بالنفقة لم تحدد التاريخ الذي يعتد به لاحتساب بداية الأجل هل من تاريخ تسجيل الدعوى أو من تاريخ تجهيز القضية أي بعد استنفاذ كل الإجراءات وهو يتحدث عن البت بحكم قاطع في الموضوع وليس كإجراء وقتي كما هو منصوص عليه في الفصل 179 من ق.م.م، حيث أن هذا الفصل يتحدث عن الحكم داخل أجل شهر ابتداء من تاريخ تقديم الطلب وكإجراء وقتي يصدر ابتداء بشكل مؤقت قبل الحسم نهائيا في موضوع الدعوى، والإجراء الوقتي كما هو معلوم يمكن أن يصدر بدون استدعاء الخصم وبغض النظر عن كون الملف جاهزا أم لا,

وبالرجوع إلى الواقع العملي نجد أن هناك دعاوى متعلقة بالنفقة تجاوزت أجل شهر بكثير ففي حكم صادر عن ابتدائية الرباط جاء فيه:” بناء على المقال الافتتاحي الذي تقدمت به المدعية بواسطة دفاعها… بتاريخ 30/05/2007 والذي تعرض من خلاله أنها زوجة شرعية للمدعى عليه… ملتمسة الحكم عليه بأدائه لها واجب نفقتها بحساب مبلغ 2000 درهم شهريا… ونفقة الأبناء بحساب مبلغ 1000 درهم لكل واحد….”، ولقد صدر الحكم بتاريخ 28/5/2008. وكذلك في حكم صادر عن ابتدائية فاس:”بناء على المقال الافتتاحي للدعوى الذي تقدمت به المدعية بتاريخ 4/1/2008…تعرض فيه أنها زوجة المدعى عليه الذي قام بطردها من بيت الزوجية…تاركا إياها وابنها عرضة للضياع والإهمال ملتمسة الحكم عليه بأدائه لها نفقتها ونفقة إبنها بحساب 1000 درهم لكل واحد منهما…”، وصدر الحكم بتاريخ 30/04/2008. وفي حكم صادر عن ابتدائية وجدة ” بناء على المقال الافتتاحي للدعوى الذي تقدمت به المدعية… بتاريخ 20-02-07، تلتمس فيه بأداء واجب نفقتها بحسب 800 درهم…”، إلا أن الحكم صدر بتاريخ 28-08-08.

وعليه فإن المشرع المسطري كان منطقيا أكثر من المشرع الأسري حيث سمح للقاضي بأن يحكم بنفقة مؤقتة كإجراء وقتي قبل البت في الموضوع وذلك تلافيا لأي صعوبة أو مماطلة يمكن أن تواجه صدور الحكم بهذه النفقة.

كما أن القضاء المغربي يجعل الأحكام القاضية بإيقاف نفقة الزوجة الناشز، مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون ومصدره ما كانت تنص عليه مدونة الأحوال الشخصية الملغاة في الفصل 123 والتي حلت محلها المادة 195 من م.أ حيث أن الاجتهادات القضائية بالمغرب تواترت على الاستئناس بالفصل 123 من م.ح.ش فيما يرجع للحكم بالنفقة واعتمدته لتأسيس النفاذ المعجل للأحكام الصادرة الآمرة بها في إطار الأحوال الشخصية للمسلمين، لكن الحقيقة بعكس ذلك حيث أن مقتضيات الفصل المذكور لا تنظم النفاذ المعجل للحكم الآمر بالنفقة بل للحكم القاضي بإيقافها,

وهو ما يسير عليه العمل القضائي حيث جاء في حكم صادر عن ابتدائية مراكش:”… وحيث أن المدعي استصدر حكم رقم… على المدعى عليها قضى برجوعها إلى بيت الزوجية وامتنعت عن تنفيذه، ملتمسا الحكم بإسقاط نفقتها مع النفاذ المعجل… وحيث أنه طالما أن المدعى عليها امتنعت عن الرجوع… وحيث أن نفقة الزوجة لا تسقط بمضي المدة إلا إذا حكم عليها بالرجوع إلى بيت الزوجية وامتنعت حسب المادة 195 من م.أ مما يبرر سقوط نفقتها إلى حين رجوعها لبيت الزوجية مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل .

أضف تعليق

Filed under قانون الأسرة, القانون المغربي, المسطرة المدنية, الاجتهاد القضائي, التنظيم القضائي

القواعد و مساطر التنفيذ الجبري للأحكام القضائية في المادة المدنية

 

 

قواعد و مساطر التنفيذ الجبري للأحكام القضائية في المادة المدنية

طبقا للفصول 428 إلى 451 الباب الثالث

من قانون المسطرة المدنية

 

images[1]__

 

قواعد تنفيذ الأحكام القضائية:

 

الأحكام القابلة للتنفيذ :

تكون الاحكام القضائية قابلة للتنفيذ في مجموع التراب الوطني إذا كانت صادرة عن:

1 ~ المحاكم المغربية:

 

أجل تنفيذ الأحكام

يمكن طلب تنفيذ الأحكام داخل ثلاثين سنة من اليوم الذي صدرت فيه

و يسقط الحق في تنفيذها بانصرام هذا الاجل.

 

الجهة المكلفة بالتنفيذ

يتولى المفوض القضائي أو عون من كتابة الضبط تنفيذ الاحكام تحت إشراف قاضي متابعة التنفيذ

تسهر على الاجراءات التنفيذ كتابة ضبط المحكمة المصدرة للحكم المطلوب تنفيذه، أو متابة ضبط

المحكمة المنابة التي يقع التنفيذ بدائرتها.

 

مسطرة تنفيذ الاحكام.

يتم تنفيذ الاحكام بناء على طلب من طرف طالب التنفيذ أو من ينوب عنه.

يقدم إلى كتابة الضبط مرفق بالنسخة التنفيذية من الحكم المطلوب تنفيذه.

-النسخة التنفيذية لا يمكن تسليمها إلا مرة واحدة، ويجوز لمن فقدها أن يحصل على نسخة ثانية

بمقتضى أمر يصدره قاضي المستعجلات، بناء على طلب يقدم أمام المحكمة المصدرة للحكم.

 

إجراءات تنفيذ الاحكام القضائية:

يبلغ عون التنفيذ إلى الطرف المحكوم عليه الحكم المطلوب تنفيذه،

و ينذره بأني بفي بما تم الحكم عليه حالا أو يعطيه مهلة لا تتعدى 10 أيام من تاريخ تقديم الطلب.

 

في حالة رفض المحكوم عليه التنفيذ أو صرح بعجزه عن الوفاء ، يتخذ عون التنفيذ الاجراءات الاتية:

حجز أموال المحكوم عليه المنقولة أو العقارية

 

يتم التنفيذ أولا على النتقولات وفي حالة عدم كفايتها يتم التنفيذ على العقارات ، غير أنه يقع التنفيذ إذا كان للدين ضمان عيني عقاري مباشرة على العقار المحمل به.

بيع المنقولات أو العقارات المحجوزة عن طريق المزاد العلني و تسليم الناتج الى المحكوم لفائدته

 

منقول بتصرف للفائدة

 

 

ملاحظـــــــــــة

ليصلك جديد المحاضرات والمواضيع /  قم بالتسجيل في القائمة البريدية من هنـــا

أضف تعليق

Filed under القانون المدني, القانون المغربي, المسطرة المدنية, التنظيم القضائي

مهم لكل محامي … فــنّ المرافعــة


___

ليصلك جديد مواضيع المدونة/  
قم بالتسجيل في القائمة البريدية من هنـــا
___________________


تعريف المرافعة


التعبير الذي يضفى على واقعةالنزاع ما ينير للقاضي طريق العدالة ويمكنه من إصدار حكمه على أساس سليم “. 



– ويضاف أيضا : “أن المرافعة تثير في القاضي من العوامل يجعلها تأخذ الألباب وتستقرفى الأعماق فهي همزة الوصل بين الحقيقة الماثلة والعدالة المنشودة “. 
“المرافعة هي شرح لوجهة نظر أساسها نزاع شاجر ينتهي إلى حل يتفق والحقيقة القانونية الماثلة “. 


– من أقوال الفقيه الروماني كانثليلتس : ” يجب أن تكون المرافعة صحيحة ،واضحة ، وممتعة “. 


– دور المحامي قبل المرافعة .
1- دراسة المستندات . 
-2 مناقشة الموكـل . 
-3إعداد المرافعـة . 
-4 نصائح قبل إعداد المرافعة .
-5تدوين بعض النقاط .


أولاً : دراسة المستندات : 


* قراءة المستندات . 
* استخلاص الحجج .
* بحث الاعتراضات التي تثار بشأنها .
* كتابةالمستندات والإيضاحات التي يجب طلبها من الموكل .
* تدوين الملاحظات أول بأول . 


ثانياً : مناقشة الموكل


ثالثاً : إعداد المرافعة : الإلمام بموضوع الدعوى 
* موضوع الدعوى .
* النقطة الهامة فى دفاعه . 
* النقطة الضعيفة التى يدخل من ثغرتها خصمه . 


رابعاً : على المحامي الابتعاد عن : 
1 – الإشارةإلى المطولات والمراجع التى قد تطيح بانتباه القاضي .
2 – التحلل من الحيل المكشوفة .


خامســـاً : 
* إعداد الدفوع وصياغتها الصياغة القانونية السليمة . 
* عناصر التذكرة فى الدعوى .
* التيسير على القاضى وإرشاده فى البحث عندالمداولة . * إبراز خطة الدفاع .


مواصفات المرافعة :
1 – الوضــــوح .
2 – الإعداد الجيد (التنظيم – الترابط)
3 – الروح أو الحيوية .
4 – الإيجــــاز .


الروح والحيوية :
* الطريقة الأولى : 
لائحة الدعوى تم تبليغها للمدعى عليه ولم يحرك ساكناً أويبدى تحفظاً سواء كان ذلك بخطاب إنذار حتى حضر اليوم بالجلسة. 
* الطريقة الثانية : أن المدعى عليه قد تسلم لائحة الدعوى وإطلع عليها .
هل اعترض بخطاب أو إنذار او جواب ؟ ام إنه لم يفعل ! 


أركان المرافعة (فن المرافعة) :


1 – المقدمة أو سرد الوقائع .
2 – المناقشــة . 
3 – خاتمة المرافعةأسباب الخلاف فى تصوير واقعة النزاع
1 – عدم تقدير بعض المتقاضين للظروف حق قدرتها .
2 – سوء نية بعض أطراف الخصومة ومحاولة طمس الوقائع .
3 – شهود الزور . 
4 – فساد بعض الخبراء .


المناقشــــة
أولاً : الرد على دفاع الخصم . 
ثانياً : مناقشة أقوال الشهود .
ثالثاً : مناقشة تقارير الخبراء .
رابعاً : إستخلاص الأدلة من الوقائع ثم المستندات ثم القانون . 
خامساً : تقديم التصور الصحيح للوقائع وبيان أدلة هذا التصور . 


عند التعرض لأقوال شاهد : 
* تلاوة إسم الشاهد . 
* تاريخ الإدلاء بالشهادة . 
* عرض امور خافية عن الشاهد وعلاقته بأطراف الدعوى . 
* عرض مضمون شهادته .


أقوال الشهود (تفنيد أقوال الشهود)
1 – إقامة الدليل على وجود تعارض فى أقوال الشهود .
2 – التعارض بين أقوال الشاهد الواحد أو شهادتين لشاهد واحد .
3 – تجريح شهادة الشاهد بحقده على من يشهد ضده.
4 – إبراز التعارض بين أقوال الشاهد وأقوال الخصم نفسه .
5 – إقامة الدليل على تعارض الشاهد مع الوقائع المستمدة من التحقيقات والمستندات . 


فى مناقشة تقرير الخبير : 
1 – بيان مهمة الخبير دون تلاوتها .
2 – بيان ما يتصل بموضوع المناقشة فى أقوال الخصوم .
3 – تخليص أعمال الخبير .
4 – عرض رأى الخبير والنتيجة التى إنتهى إليها . 
5 – إستعراض الأسئلة التى يطلب المحامي الإجابة عليها .


مناقشة المستندات : 
1 – تفسير المستندات من جماع البنود أو عن طريق تفسير أحد بنوده من خلال بند آخر فيه .
2 – مناقشة العقد من خلال المراسلات السابقة أو اللاحقة أو المعاصرة . 
3 – البحث عن نية المتعاقدين .
النقاش القانوني : 
1 – إستخلاص النقطة القانونية الصحيحة التى تنطبق على واقعة النزاع .
2 – ذكر نص القانون الواجب التطبيق وتفسيره كلما أمكن ذلك .
3 – ذكر خلاصةأحكام القضاء التى يستند عليها وتنطبق على واقعة النزاع .
4 – الرجوع إلى أقوال الفقهاء إن أمكن ذلك . 


خاتمة المرافعة :
1 – تلخيص سريع للنقاط الهامة فى الدعوى .
2 – إبراز الأدلة الحاسمة . 
3 – توجيه نظر المحكمة إلى المهمةالدقيقة الملقاة على عاتقهم .
4 – الطلبــــات .


نصائح أثناء المرافعة 
* الهدوء والالتزام . * السهـولة . 
* الدقـــــة . * الإشباع . 
* الثقـــة . * البساطة . 
* المظهـر . *اللغة العادية . 
* الإقنــاع . 
* المحامى ليس معلما للقاضي . * عدم التحدث عن النفس كثيراً 
* ألا يأخذ موقفا لعداء من خصمه . * الإلمام بموضوع الدعوى وجوانبها المختلفة . 
* متابعة كل مايدور من مناقشات أثناء المحاكمة . * التدخل بحرص أثناءالاستجواب



المصدربقلم اشرف محفوظ المحامى


______________


ليصلك جديد مواضيع المدونة/  
قم بالتسجيل في القائمة البريدية من هنـــا
___________________


أضف تعليق

Filed under مصطلحات قانونية, المحاماة, المسطرة المدنية, تعاريف قانونية

المستجدات المتعلِقة بالتنظيم القضائي المغربي، المسطرة الجنائية و المسطرة المدنية -ج1/3

المستجدات المتعلِقة بالتنظيم القضائي المغربي، المسطرة الجنائية والمسطرة المدنية على ضوء التعديلات الأخيرة

سميرة الراجب
الماستر المتخصص:المستشار القانوني للمقاولات كليةٌ الحقوق مراكش

يعد التحديث و عصرنة المؤسسات السياسية و الدستورية التي تمر عبر دولة الحق والقانون من أهم الأسس التي ينبني عليها التقدم التشريعي، هذا البناء يقتضي أن ينصب الاهتمام على التعديل المستمر للقوانين ومسايرتها للتطورات الحاصلة في جل الميادين وتماشيا مع المنظومات التشريعية المقارنة، وهذا فعلا ما جسده مشرعنا المغربي على أرض الواقع عبر التعديلات و التحيينات المستمرة للنصوص التشريعية كان آخرها تلك المرتبطة بالتنظيم القضائي المغربي وقانون المسطرة المدنية و قانون المسطرة الجنائية.

_______________
ملاحظة: لمتابعة جديد المدونة يرجى التسجيل بادخال البريد الذي تريد ان تصلك فيه المواضيع هنـــا:
___________

عرف التنظيم القضائي المغربي عدة تطورات قبل أن يتشكل على الصورة التي هو عليها الآن، هذه الأخيرة – التطورات – نتجت عما عرفه المغرب من أحداث سياسية واجتماعية مواكبة للتطورات على مستوى التشريعات المقارنة، الشيء الذي جعله يكون حريصا على مراجعة النصوص القانونية المنظمة للتنظيم القضائي المغربي كان آخرها تلك الصادرة بتاريخ 5 سبتمبر 2011.


ظهرت قواعد قانون المسطرة المدنية بالمغرب منذ السنوات الأولى من القرن الماضي، وعرفت تطورات متعددة ومختلفة عكست المراحل التي مر بها المجتمع المغربي بصورة عامة والقانونية بصورة خاصة، غير أن أهم خطوة قام بها مشرعنا هي تلك التي تمت في 28 شتنبر 1974،إذ أصدر القانون الجديد للمسطرة المدنية الذي سيعرف فيما بعد تعديلات في بعض فصوله ابتداء من مطلع التسعينات.

وبشيء من التفصيل في المقتضيات التشريعية المنظمة للتنظيم القضائي، وقانون المسطرة المدنية، و قانون المسطرة الجنائية، سنحاول الخوض في غمار تعديلات سنة 2011 المنصبة على النصوص المتعلقة بهذه القوانين،

 وفي محاولة لذلك سنتبع التصميم التالي:


المبحث الأول : التعديلات المرتبطة بالتنظيم القضائي

المبحث الثاني: التعديلات المرتبطة بقانون المسطرة الجنائية
المبحث الثالث: التعديلات المرتبطة بقانون المسطرة المدنية

المبحث الأول: التعديلات المرتبطة بالتنظيم القضائي
كما سبقت الإشارة إليه فالتنظيم القضائي المغربي عرف مجموعة من التعديلات التي فرضتها التطورات المتتالية، إلا أنه ورغم كل هذا فإن المبادئ التي يقوم عليها لم تتغير من حيث جوهرها اللهم تلك التي كانت المستجدات تستدعي تحديثها، هكذا أصدر المشرع المغربي قانون رقم 10-34# الصادر بتاريخ 5 سبتمبر 2011 المغير و المتمم للظهير الشريف بمثابة قانون رقم 388-74-1 بتاريخ 24 جمادى الآخرة 1394 الموافق لتاريخ 15 يوليوز 1974 المتعلق بالتنظيم القضائي للمملكة، وذلك عن طريق مادة فريدة تغير وتتمم الفصول 1و2و4و6و7و24 من الظهير الشريف بمثابة قانون المتعلق بالتنظيم القضائي السالف الذكر، وعلى هذا الأساس سنتعرف على التعديلات التي لحقت هذه الفصول.


وهكذا أصبح الفصل الأول من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 388-74-1 المتعلق بالتنظيم القضائي المغربي ينص على ما يلي: ” يشمل التنظيم القضائي المحاكم التالية:

المحاكم الابتدائية؛

المحاكم الإدارية؛

المحاكم التجارية؛

محاكم الاستئناف؛

محاكم الاستئناف الإدارية؛

محاكم الاستئناف التجارية؛

المجلس الأعلى.

…”

وبناء على مقتضيات الفصل الأول أعلاه، يتبين أن المشرع المغربي أدخل تغييرا مهمة على تنظيم المحاكم المغربية بإلغاء محاكم الجماعات و المقاطعات المحدثة بمقتضى الظهير الشريف الصادر بتاريخ 15 يوليوز 1974، والتي كان هدفها الأساسي التخفيف على المحاكم الابتدائية عن طريق منحها النظر في بعض القضايا التي لا تحتاج إلى كل الإجراءات والمساطر التي ينص عليها المشرع بالنسبة للمحاكم الابتدائية من جهة، والمساعد على تقريب القضاء من المتقاضين من جهة أخرى.

وبالرغم من أن محاكم الجماعات و المقاطعات لا تدخل في أي درجة من درجات التقاضي سواء العادية منها أو الاستثنائية ،إلا أنها تدرس إلى جانب محاكم أول(المحاكم الابتدائية) درجة لاتصالهما عن طريق الإحالة.

أما في ما يخص تأليف المحاكم الابتدائية فإن الفصل الثاني من الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي أصبح ينص على ما يلي: ” تتألف المحاكم الابتدائية من:

رئيس و قضاة وقضاة نواب،

نيابة عامة تتكون من وكيل الملك ونائبه أو عدة نواب،

من كتابة الضبط،

من كتابة النيابة العامة

…”

من خلال مقتضيات الفصل أعلاه يلاحظ أن تأليف المحاكم الابتدائية بقي كما كان سابقا، إلا أن المشرع أدخل بعض الإصلاحات و الإضافات من خلال تقسيم هذه المحاكم بحسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى أقسام قضاء الأسرة وأقسام قضاء القرب# وغرف مدنية وتجارية وعقارية و اجتماعية وزجرية.

وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي أبقى على اختصاص قسم قضاء الأسرة التي تنظر في قضايا الأحوال الشخصية و الميراث، و الحالة المدنية و شؤون التوثيق والقاصرين والكفالة، وكل ماله علاقة برعاية و حماية الأسرة، حيث أن التعديل الذي أدخله المشرع على هذا الفصل بتاريخ 03 فبراير 2004# والذي جاء موازيا لصدور مدونة الأسرة، وضع استثناءً إذ منح الاختصاص لأقسام قضاء الأسرة وحدها دون غيرها من الغرف التي تتألف منها المحاكم الابتدائية ،في كل ماله علاقة بالأسرة، سواء كان واردا بالمدونة نفسها شأن الزواج و الطلاق،الأهلية والنيابة الشرعية، والوصايا و المواريث، أو كان واردا بغيرها من النصوص الخاصة، كما هو الحال بالنسبة لكفالة الأطفال المهملين وشؤون القاصرين والتوثيق، والحالة المدنية….

لكن الجديد في هذا الفصل هو إحداث أقسام قضاء القرب و التي أصبحت تنظر في الدعاوى الشخصية والمنقولة التي لا تتجاوز قيمتها خمسة آلاف درهم باستثناء النزاعات المتعلقة بمدونة الأسرة و العقار والقضايا الاجتماعية و الإفراغات، كما تنظر أيضا في المخالفات المنصوص عليها في القانون المتعلق بقضاء القرب# وتحديد اختصاصاته.

وعليه فإنه يمكن لكل غرفة أن تبحث و تحكم في كل القضايا المعروضة على المحكمة كيفما كان نوعها باستثناء ما يتعلق بأقسام قضاء الأسرة و أقسام قضاء القرب.

كما ينص هذا الفصل على إمكانية تكليف قاض أو أكثر من قضاة هذه المحاكم بمزاولة مهامهم بصفة قارة في مراكز توجد دائرة نفوذها وتحدد بقرار لوزير العدل. و في هذا الصدد نتساءل عن مدى تأثير غياب الاحتكاك و تبادل الخبرات المتوفر داخل أسوار المحكمة في جودة أعمال القاضي المقيم…………………….

نفس الفصل أورد مستجدا في غاية الأهمية و هو إمكانية تصنيف المحاكم الابتدائية حسب نوعية القضايا التي تختص بالنظر فيها إلى محاكم ابتدائية مدنية و محاكم ابتدائية اجتماعية و ابتدائية زجرية، فأما المحاكم الابتدائية المدنية فتقسم إلى أقسام قضاء القرب وغرف مدنية و غرف تجارية وغرف عقارية، و أما المحاكم الابتدائية الاجتماعية فتقسم إلى أقسام قضاء الأسرة وغرف حوادث الشغل و الأمراض المهنية و غرف نزاعات الشغل، بينما تقسم المحاكم الابتدائية الزجرية إلى أقسام قضاء القرب وغرف جنحية وغرف قضاء الأحداث وغرف حوادث السير. و تتجلى أهمية هذا المستجد في ترسيخ ثقافة التخصص و ما لها من تأثير إيجابي على جودة العمل القضائي لكن تطبيق هذا المقتضى يبدو صعبا في الوقت الراهن لارتباط ذلك بتوفر موارد بشرية و مادية كبيرة.

من المسائل الجديدة أيضا و التي جاء بها تعديل 5 سبتمبر 2011 ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من الفصل الثاني من الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي التي أوردت ما يلي: ” تحدث بالمحاكم الابتدائية بما فيها المصنفة، غرف تسمى غرف الاستينافات تختص بالنظر في بعض الاستينافات المرفوعة ضد الأحكام الصادرة عنها ابتدائية”، بمعنى أنه تم إحداث غرف بالمحاكم الابتدائية تختص باستيناف الأحكام التي لا تتجاوز قيمتها عشرون ألف درهم بمعنى أن القضايا التي تتجاوز هذا المبلغ يبقى الاختصاص فيها لمحاكم الاستئناف، ويبدو أن المشرع قد أصاب حين أحدث هذه الغرف وذلك عن طريق تخفيف عمل محاكم الاستئناف وفي هذا ضمانة أكثر لسرعة البث في القضايا الذي ينعكس على سرعة إجراءات الدعاوى#.

وفيما يخص المسطرة أمام المحاكم الابتدائية فإن الفصل الرابع من الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي المعدل بمقتضى ظهير 11 نونبر 2003 على ما يلي: ” تعقد المحاكم الابتدائية جلساتها بحضور ثلاث قضاة بمن فيهم الرئيس ومساعدة كاتب الضبط مع مراعاة الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى نصوص خاصة في الدعاوى التالية:

دعاوى الأحوال الشخصية و الميراث باستثناء النفقة،

الدعاوى العقارية العينية و المختلطة،

الجنح المعاقب عليها بأكثر من سنتين حبسا و التي يسند قانون المسطرة الجنائية الاختصاص فيها إلى المحاكم الابتدائية.

تعقد هذه المحاكم جلساتها بقاض منفرد ومساعدة كاتب الضبط في باقي القضايا.”

وينص الفصل الرابع من الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي المعدل بمقتضى قانون رقم 34.10 على ما يلي: ” تعقد المحاكم الابتدائية بما فيها المصنفة، جلساتها مع مراعاة المقتضيات المنصوص عليها في الفصل 5 بعده، وكذا الاختصاصات المخولة لرئيس المحكمة بمقتضى نصوص خاصة، بقاض منفرد وبمساعدة كاتب الضبط، ما عدا الدعاوى العقارية العينية و المختلطة وقضايا الأسرة و الميراث، باستثناء النفقة التي يبث فيها بحضور ثلاث قضاة بمن فيهم الرئيس ومساعدة كاتب الضبط.

من خلال ملاحظة الفصل أعلاه و التعديلات التي طرأت عليه يتبين أن صياغة الفصل الرابع تغيرت، حيث أن المشرع المغربي عاد إلى تبني مبدأ القاضي الفرد كقاعدة عامة، رغم حفاظه على مبدأ القضاء الجماعي في بعض القضايا، فتبني مبدأ القاضي الفرد يحقق مصالح و منافع بالنسبة للمتقاضين أهمها السرعة في البت، والبساطة في المسطرة، فضلا عن أن القاضي الفرد وهو يبت في القضايا التي تعرض عليه، يحكم بناء على قناعته خاصة و أنه هو الذي تتبع كافة أطوار النزاع إلى حين الحكم فيه.

ويمكن القول بأن المشرع المغربي أخد بنظامي القضاء الفردي و القضاء الجماعي أمام المحاكم الابتدائية.

وفي ما يخص الاختصاص فإن المشرع المغربي غير الفقرة الثانية من الفصل الخامس من الظهير المتعلق بالتنظيم القضائي بفقرة أخرى و التي تنص مقتضياتها على ما يلي: ” تبت هذه المحاكم كدرجة استينافية طبقا للشروط المحددة بمقتضى قانون المسطرة المدنية أو قانون المسطرة الجنائية أو بمقتضى نصوص خاصة. وفي هذه الحالة، تبت وهي مركبة من ثلاثة قضاة بمن فيهم الرئيس و بمساعدة كاتب الضبط.”

ودائما في إطار التعديلات الأخيرة التي قام بها المشرع المغربي ( 5 سبتمبر 2011 ) أردف فقرة ثالثة ورابعة إلى الفصل السادس من التنظيم القضائي، وذلك عن طريق إضافة أقسام للجرائم المالية داخل محاكم الاستيناف تعين دوائر نفوذها بمرسوم، وتشتمل هذه الغرف بدورها على غرف للتحقيق و غرف للجنايات و غرف للجنايات الاستينافية ونيابة عامة وكتابة للضبط وكتابة للنيابة العامة.

بقي أن نشير إلى الفصل 24 من التنظيم القضائي باعتباره واحدا من الفصول التي طرأ عليها تعديل (5 سبتمبر 2011) و الذي كان ينص (الفصل 24) قبل هذا التعديل على ما يلي: ” لا يمكن للأزواج و الأقارب و الأصهار إلى درجة العمومة أو الخؤولة أو أبناء الأخوة أن يكونوا بأية صفة كانت قضاة في آن واحد بنفس المحكمة عدا في حالة ترخيص يمكن منحه بمرسوم عندما تشتمل المحكمة على أكثر من غرفة واحدة أو إذا كانت المحكمة تعقد جلساتها بقاض منفرد، وبشرط أن لا يكون أحد الأزواج و الأقارب أو الأصهار المشار إليهم أعلاه رئيسا من رؤساء المحكمة.

لا يمكن في أي حال من الأحوال ولو بعد الترخيص المذكور أن ينظر الأزواج و الأقارب المشار إليهم بالمقطع …………في قضية واحدة”.

من خلال مقتضيات الفصل أعلاه يتضح أن المشرع غير عبارة “في آن واحد” بعبارة “بنفس المحكمة”، – كما أن الترخيص الذي يمنحهم هذه المكنة – فبعدما كان يمنح بمقتضى مرسوم أصبح يمكن منحه بقرار للمجلس الأعلى للقضاء، و هذا يوضح نية المشرع في رغبته رفع يد وزارة العدل على عمل القضاة.

وأخيرا يمكن الأخذ على المشرع عدم تحيينه و أخذه بالتسمية الجديدة للمجلس الأعلى ألا وهي ” المجلس الأعلى للسلطة القضائية ” ولعل الأمر كان مجرد سهو، إذ لا يعقل تجاهل المقتضيات التي جاء بها الدستور الجديد و خاصة الباب السابع منه (الفصل 113).


يتبع:


________

ملاحظة: لمتابعة جديد المدونة يرجى التسجيل بادخال البريد الذي تريد ان تصلك فيه المواضيع هنـــا:

أضف تعليق

Filed under مستجدات قانونية, القانون المدني, القانون المغربي, المسطرة المدنية, المسطرة الجنائية, التنظيم القضائي